كنا نتحدث عن توسعة المسجد النبوي، وعن المساحة التي تحيط بها وما ينتج عن إزالة كثير من الأبراج والعمارات السكنية الضخمة حديثة البناء، ومئات المنازل التي يسكنها ضعفاء يحرصون على إحياء المسجد النبوي بأداء الفروض الخمسة فيه و...
فعلّق أحد الذين عركتهم الحياة من المجاورين لمسجد النبي عليه الصلاة والسلام، منذ طفولته بعبارات يصف بها عقلية المخططين.
"هذا الشغل الدغري اللي ما يهمه شيء إلا تحقيق اللى في دماغه"
كان، ولنسميه عم محمد، يمشي في بداية حياته من بيته إلى البقعة التي قال عنها نبي الله صلى الله عليه وسلم "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".(موطأ مالك ج1: 197)، ولا يستغرق منه إلا دقيقة من المشي أي حوالي الأربعين مترا... وبعد التوسعة السابقة وجد نفسه يعيش بعيدا عن المسجد النبوي لا يملك سيارة، ولا يعرف السواقة، ولا يجد من يُحضِره إلى المسجد النبوي –أحيانا- حتى لأداء صلاة الجمعة.
ويقصد عم محمد بعبارته تلك أن طريقة التفكير عند بعض الناس تتسم بأنها "دغري" بلهجة مدينية قديمة أو "سِيدا" بلهجة تنتشر في المنطقة الشرقية، وتعني "على طول". وهذه الطريقة من التفكير تجعل الإنسان لا يلتفت يمنة ولا يسرة، ولكن يستمر في السير إلى الأمام، ويتخيل أنه ليس في الدنيا شيء مهم إلا ما في عقله هو. فلا يفكر إلا فيما يخطر في ذهنه هو، دون أي اعتبار للبني آدمين الآخرين، أو الظروف الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية و...الموجودة على أرضية الواقع، ما دام يملك الوسيلة اللازمة لتنفيذ فكرته. فهو يشبه الكاسحة (الدركتر) القادر على الحركة "دغري" وقادر على إزاحة أي عقبة تقف في طريقه بالرضاء (أي تتجنبه) أو بالغصب (أي يدوس على من أمامه).
ويبدو أن هذه النظرية أو طريقة التفكير كانت تسيطر على المخططين للتوسعة الحالية للمسجد النبوي، ولا سيما فكرة تلك الشوارع بعرض 300 متر التي تأكل الأخضر واليابس، التي تتعامد على المسجد النبوي من الجهات الأربع. وذلك إضافة إلى التوسعة حول مشروع المسجد النبوي. فالمشروع سينزع الملكيات الموجودة على مساحة تزيد عن 1.4 مليون متر مربع. فيشمل أكثر من 25 برجا سكنيا حديث البناء، وآلاف المساكن ومنها المنازل الصغيرة التي يقطنها سكان يمتعون بفرصة أداء الصلوات أو معظمها في المسجد النبوي، وإن كان يبعد مسافة تقترب من نصف الكيلو، بعد التوسعة السابقة...
وطريقة التفكير "الدغري" أو ال"سيدا" جميلة إذا كنا نخطط لمدينة نموذجية في منطقة خالية من المنازل والسكان، وخالية من خدمات التصريف والكهرباء المصروف عليها ملايين الريالات، وكلفت العناء الطويل للمستفيدين منها، واستغرقت الأعوام العديدة لإنشائها ولصيانتها... ولكن نحن هنا نخطط لمدينة هي ثاني أقدس مدينة عند المسلمين، ويعود عمرها إلى أكثر من أربعة عشرا قرنا...
وهي طريقة جميلة إذا كنا نخطط على الورق لمدينة جديدة. وحتى هذه عليها ملاحظات، فمهندسوا اليوم المتطورون بنظرتهم البعيدة المدى والواسعة يرون أن الطرق المتعامدة المستقيمة تقتل الخصوصية وتبدد الأجواء الهادئة، وتتسبب في كثرة الحوادث المرورية. ولهذا يفضلون وجود أحياء شبه مغلقة تقترب من نظام الأحوشة القديمة في المدينة المنورة، حيث كان "الحوش" يضم منازل عديدة، تطل على الفناء الذي له باب، يمكن إغلاقه ضد الغزاة من الخارج. فيقوم الحوش بوظيفة القلعة التي تحمي سكانها.
وبعبارة أخرى، أعظم مساهمة للتخطيط "الدغري"، وتستحق عليها شهادة امتياز هي عملية هدم الثمين والرخيص. أما مساهمتها في عملية تعويض ما تم هدمه (ولا أقصد التعويض النقدي) وتوفير المساكن المطلوبة المناسبة لسكان المدينة ولفضل الصلاة في مسجدها – حتى قبل عملية الهدم – فتقترب من الصفر. ولا أقول الصفر، لأن التعويضات النقدية للبعض قد تسهم في تنشيط حركة الإنشاء، ولكن بعيدا عن المسجد النبوي. وهي طريقة جميلة إذا لم تمس مصالح المخططين بضرر اقتصادي أو نفسي أو روحي، ولكن للمدينة المنورة بالنسبة لساكنيها والمسلمين عامة وضع خاص من الناحية الروحية لا تماثله أوضاع المدن التي لا تتمتع بقدسية خاصة على مستوى العالم.
وحتى أكون واضحا فإن الحديث هنا ليس عن توسعة المسجد، ولكن "التوسعة" (خطة هدم) ما حولها لتوفير مساحة بيضاوية تصل حدودها إلى المسافات التالية كما الموقع المرفق:
1. من جهة القبلة 750 متر (مشي على الأقدام 20 دقيقة) 2. من جهة الشرق 1500 متر(مشي على الأقدام 45 دقيقة) 3. من جهة الغرب 1500 متر(مشي على الأقدام 45 دقيقة) 4. من جهة الشمال 1200 متر(مشي على الأقدام 35 دقيقة)
تساؤلات حول التوسعات غير الضرورية: وللحقيقة، فإن عبارة العم محمد والمخطط بنظرته الضيقة، والحماس في تنفيذه تثير كثيرا من التساؤلات، ومنها: أولا – هل تأمّل المخططون في طريقة تفكير خادم الحرمين الشريف الملك عبد الله؟ أطال الله في عمره وحفظه بالصحة والعافية. إن الإنسان لا يملك إلا أن يقف إكبارا لطريقة تفكيره الواقعية التي تربط المأمول بالواقع بنظرة مستقبلية تنطلق من الاحترام العميق لمسجد خاتم الأنبياء وينبض بالتقدير والوفاء لمن سبقوه في خدمة المسجد النبوي.
لقد كانت الخطة الأولى المبنية على النظرة الاقتصادية البحتة هي توسعة المسجد النبوي من الجهة الجنوبية. فعملية انتزاع الملكيات والهدد ستكون محدودة. بيد أن بعض المخلصين لطيبة الطيبة سألوه سؤالا يذكرونه بحبه لنبي الهدى واحترامه لمسجده:
- هل تريدون أن تكون التوسعة تابعة للمسجد النبوي أم المسجد النبوي تابعا لتوسعتكم؟ وهنا جاءت الإجابة الفورية الحكيمة اليقظة بالواقع فأجاب: - بل أريد التوسعة تابعة للمسجد النبوي. وبهذا تحولت التوسعة إلى الجهة الشمالية بدلا من الجهة الجنوبية. وعندما عُرض عليه المخطط المبالغ في فخامته للتوسعة، والتي تجعل المسجد النبوي والتوسعات السابقة تبدو ضئيلة أمامه، أمر يإعادة التصميم حتى يتماثل مع التوسعات السابقة من حيث المظهر. ثانيا - هل الطريقة الوحيدة لتحديث المنطقة المركزية حول التوسعة الجديدة هو تسوية مبانيها المملوكة للمواطنين، ومنهم أهل المدينة الذين عاشوا مُرّها وحلوها، وأوقاف يعود بعضها إلى عهد الحكومة العثمانية، تعيش عليها أسر، وأبراج شامخة حديثة جاهزة لاستقبال ضيوف الرحمن، ومساكن يقطنها الحريصون على إحياء المسجد النبوي بأداء الفروض الخمس فيها...؟ إن زيارة واحدة أو نظرة واحدة إلى مخططات عواصم الدول المتطورة فكرا دنيويا، مثل باريس، ولندن، واشنطن، و... يجعل الناظر يلمس واقعية المخططين لها. فهم يراعون قدسية الأنهار الطبيعية والغابات أو المناطق الكثيفة بالشجر، والمواقع التاريخية و... بل قرأت في أنظمة بعض المدن الأمريكية أنه ممنوع لمن يشتري أرضا ليبني عليه منزلا أن يزيل الأشجار الموجودة في أرضه إلا نسبة محددة منها، ويجب عليه مراعاة ذلك عند تصميم المنزل الذي سيقام عليها.
ثالثا – ألا يعتقد المخططون أن الطرق الواسعة بعرض 300 متر عندما تصب كلها إلى المسجد النبوي من الجهات الأربعة سيتسبب في اختناق المنطقة المحيطة بالمسجد بمنتجات الخواجات (السيارات الشخصية)؟ وأقول مازحا، إنه من الطريف أن أي نظرة من الجو للشوارع الأربعة المتقاطعة بعرضها المخطط له يقود الناظر إلى الظن بأن المخطط خطة مسيحية لتحيل العاصمة الأولى للدولة الإسلامية الأولى إلى صليب ضخم.
رابعا - هل صحيح قول أحد الغاضبين "إننا من حيث ندري أو لا ندري نعمل على مساعدة اليهود والخواجات للاستيلاء على المدينة المنورة بطريقة غير مباشرة أو مباشرة، مثل أبراج هلتون وشيراتون وملتون و... فقد بدؤوا يمتلكون أجزاء من المناطق التي تحيط مباشرة بالمسجد النبوي، في هيئة الأبراج السكنية الضخمة التي يملكونها بالشراكة أو... بمساعدة بعض "الهوامير" من المواطنين الذين لا تربطهم بمدينة خاتم الأنبياء إلا الأموال التي تصب في جيوبهم بالاستثمار العقاري فيها... وأما جيرانه الأوفياء والحريصون على جيرته واتباع سنته وإحياء مسجده عليه الصلاة والسلام فلغالبيتهم "التراب"...؟
خامسا - هل الهدف الأول هو توفير مكان مريح لمرتادي المسجد النبوي من الضعفاء والمساكين بصورة دائمة، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم "هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم؟" (صحيح البخاري ج 3: 1061)؟ أم الهدف تحويله إلى معلم سياحي، للسائحين الدينيين الموسميين (حسب المصطلح الجديد للعمرة والحج، أي السياحة الدينية)؟ وهل هو لتوفير الفرص الاستثمارية التي تزيد جيوب أصحاب البلايين بمزيد من الوقود لصالحهم أو لغير صالحهم، في الحياة المؤقتة أو في الحياة الأبدية؟
سادسا – هل خطر في ذهن المخططين أن مخططهم هذا سيؤدي إلى أن يجعل التوسعة الضخمة للمسجد، معظم العام، مبنى ضخما خاليا إلا من بقع صغيرة من المداومين على الصلاة في المسجد النبوي؟ وينتج هذا بسبب طرد نسبة كبيرة من مصلي الفروض الخمس بعيدا عن المسجد الذي كانوا يمشون إليه بأرجلهم؛ وكذلك بسبب انعدام وسائل المواصلات العامة، مثل الحافلات والقطارات السريعة subways.
سابعا - هل خطر في ذهن المخططين خدمات الكهرباء والهاتف والصرف الصحي والحفريات التي استغرقت عشرات السنوات والجهود المضنية والأموال الضخمة والمعاناة المريرة للسكان والملاك في المناطق التي ستنزع ملكياتها لتوفير المساحة التي تحيط بالمسجد النبوي بعد التوسعة، ولتوفير المساحات اللازمة للشوارع الأربعة التي ستأخذ شكل الصليب الضخم؟
ثامنا - هل طرأ في ذهن المخططين أن آلاف الضعفاء وذوي الميزانيات المحدودة سيطردون من مساكنهم، التي كانت تكلفهم بين الألف والألفين ريال في الشهر، وتمكنهم من إحياء المسجد النبوي يوميا بأداء الفروض الخمسة فيه، وأن النتيجة الحتمية لهذا الطرد هو نقصان عدد المصلين في المسجد النبوي بعد توسعته العظيمة؟ وهذا يذكرني بزيارات متعددة على فترات متباعدة لمدينة جامعية في الولايات المتحدة تمكّن الطلبة المسلمون فيه من شراء منزل واسع بجوار الجامعة، فجعلوه مركزا إسلاميا. وكان الزائر له في أي وقت، وخاصة في أوقات الصلوات الخمس ينبض بالحياة. ثم زادت النقود لديهم فاشتروا أرضا بعيدة عن الجامعة وبنو عليه مسجدا محترما، وكانت النتيجة الحتمية أنه أصبح خاليا من الأنشطة، ويكاد يقتصر نشاطه على أيام الجمع، وذلك لبعده فيحتاج سيارة للوصول إليه من الجامعة والمساكن الجامعية.
تاسعا - هل يعرف المخططون أو بذلوا جهدا لمعرفة الطاقة الاستيعابية لمواقف المسجد النبوي حتى بعد توسعته الجارية؟ إن المواقف لا تتسع حاليا للحريصين على أداء صلاة الجمعة وصلاة العشاء في شهر رمضان المبارك.
عاشرا- هل فكر المخططون من أين ستكون مخارج المواقف الحالية تحت الأرض الحالية بعد تنفيذ التوسعة المعتمدة للمسجد النبوي، في الجهة الشمالية والشرقية والغربية؟ هل سيكون بعضها من داخل المسجد؟ أو ستكون أكثر بعدا، بحيث يحتاج إلى من يوقف سيارته فيها إلى المشي من عشر إلى عشرين دقيقة ليصل إلى حيث يجتمع المصلون حول المسجد النبوي القديم في بعض الصلوات الخمس؟
حادي عشر - هل يدرك المخططون أن المستويات الاقتصادية للحجاج تتراوح بين من يكافحون سنوات طويلة ليوفر تكلفة الحج ومن لديه الإمكانية لأن يدفع ألفي ريال للغرفة الواحدة في الليلة الواحدة؟ فأين يسكن أغلبية الحجاج أصحاب الميزانيات المحدودة؟ خارج المدينة على مسافات طويلة ويمشون إلى المسجد النبوي على أقدامهم وهم منهكون؟ أو يضطرون إلى استئجار سيارات تقتطع نسبة من ميزانيتهم الصغيرة، إن أردوا أداء الفروض الخمس في المسجد النبوي الذي جاؤوا إليه من بقاع بعيدة في العالم ووصلوا إليه بتكاليف ومشقة لا تخفى على العقلاء؟
ثاني عشر - هل درس المخططون أصناف المُلّاك الذين ستُهدم منازلهم أو عماراتهم أو أبراجهم السكنية؟ صحيح كثير من الملاك سيفرحون، ولكن منهم من يسلمونها بتردد أو بامتعاض، ومنهم من يتألمون بصورة يصعب تصورها. فالمسجد النبوي واحد، وقد حصلوا على قطعة قريبة منه بعرق جبينهم بعد كفاح طويل مرير، في عز شبابهم، وهدمه لسبب غير ضروري بسبب طريقة التفكير "الدغري" يدمر أحلامهم...
ولو تأملنا في الممتلكات التي تقع في هذه الأصناف سنجد أن الذين سيفرحون ويترقبون التعويض بفارغ الصبر هم
أصحاب المنازل المتواضعة التي لا يسكنوها هم بأنفسهم، وتدر عليهم إيجارات متواضعة، لا تعادل قيمة الأرض التي يحتلها المنزل أو العمارة. وأما المترددون فهم الذين تتعادل إيجاراتهم مع قيمة الأرض المبنية عليها عماراتهم أو تقترب من ذلك. وأما الساخطون والمتألمون بدرجات متفاوتة فهم الذين كافحوا طويلا لإنشاء مباني كبيرة أو أبراج سواء لتأمين سكن للمقيمين في المدينة (مواطنين أو غير مواطنين) أو لتأجيرها في المواسم على الحجاج والمعتمرين والزائرين.
وإذا دققنا النظر سنجد أن معظم المباني من الفئتين الأخيرتين يمكن تجنب هدم كثير منها، ما لم تدخل في توسعة المسجد النبوي نفسه. وهناك طرق هندسية فنية جميلة كثيرة لدى الماهرين المؤهلين في تخطيط المدن لاستغلالها، فأين هم المؤهلون في ذلك؟
ثالث عشر - هل فكّّر المخططون للتوسعة غير الضرورية أن مشروعهم سيسهم في خدمة السياحة الدينية للأغنياء أكثر من خدمة غالبية الحجاج والمعتمرين الذين جاؤوا لأداء الركن الخامس من الإسلام؟ فالاستثمارات العقارية الضخمة لن توفّر المساكن المناسبة لغالبية الحجاج والمعتمرين أصحاب الدخل المحدود، إلا أن يقول أحد المخططين "الحج لمن استطاع إليه سبيلا"، وإذا كان الحاج يعجز عن دفع إيجار الأبراج السكنية حول المسجد المدني فلا داعي أن يحج!
رابع عشر - هل فكّر المخططون أن خطتهم هذه تخدم السائحين الموسمين أكثر مما تخدم الغالبية العظمى من المجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم؟ وذلك لأن التوسعات غير الضرورية وبطريقة التفكير "الدغري" سيطرد جيران المصطفى بعيدا عن مسجده، وبالتعويضات التي يحصل عليها بعضهم سترتفع قيم الأراضي والإيجارات فتستهلك نسبة كبيرة من دخولهم المحدودة في الغالب. وهذه أذية كبيرة للضعفاء من سكان المدينة المنورة.
خامس عشر - من أولى بأن نؤمن له سكنا قريبا من المسجد النبوي؟ الزائر الموسمي أو الساكن بصورة مستمرة، ويعمرونه العمارة المطلوبة للمساجد؟ يقول تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ. أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.}(18-19سورة البقرة)
سادس عشر – هل اطلع المخططون بدقة على المخطط الشامل الذي أعدته هيئة تطوير المدينة المنورة، والتي تقترح "وعلى المدى القصير، يوصي المخطط أيضا بضرورة قيام وكالة عامة بتطوير خمسة مشروعات بناء في المنطقة المركزية الموسعة بهدف توفير خيارات أمام المقيمين في المناطق العشوائية الذي يشغلون بصورة غير قانونية مساكنهم للانتقال إليها. ومن الهام إنشاء خيارات الإسكان البديلة قبيل هدم المناطق الكبيرة. والتحرك بصورة تقدمية خلال كل باقة من التطوير المقترح الجديد، سيتم استبدال المناطق العشوائية بإسكان مناسب ولائق."
وهي اقتراحات جيدة، ولكن ما المقصود بالمنطقة المركزية الموسعة؟ هل هي التي وردت في مقترحها "التي
تحتاج إلى "مسارات النقل السريع بالحافلات والنقل بالسكة الحديد الخفيف توصل إلى المنطقة المركزية من أجل تسهيل الحركة السريعة للزوار إلى ومن المركز. ويجب أن يعمل التليفريك (الترام الهوائي) الذي يعبر خلال جبل السلع ويرتبط بالمساجد السبعة على تحسين الدوران بين هذه المناطق ويستفيد من المناظر من الجبل ويقترح واحد مماثل للتحرك بين المنطقة المركزية وجبل أحد. "؟
والسؤال: أين المشروعات الخمسة التي يجب الإسراع في بنائها في المنطقة المركزية الموسعة؟ وأين هي وسائل النقل العامة: الحافلات والنقل بالسكة الحديد الخفيف؟ وأين ستقع مساكن رواد المسجد من الضعفاء والمساكين؟ عند حواف التوسعة أو قريبة من المسجد النبوي أسوة بمواقع سكنى السواح الموسميين؟ وهل سيتم تأمين الوحدات السكنية والمواصلات العامة، قبل أو بعد تسوية مئات المنازل بالأرض؟ ويتساءل أحد المغتاظين من التوسعات غير الضرورية: "هل لدى هيئة الإغاثة خيام كافية لإيواء المساكين الذين سيطردون من مساكنهم التي تؤويهم ويعيشون فيه مستورين، وإن كانت متواضعة؟"
مقترحات على الماشي: لقد تقدمت الدكتورة سهيلة زين العابدين بمقترحات بعضها جميل جدا، ويضاف إليها ما يلي:
1. وضع مخطط واقعي للمناطق التي تقع فيها هذه المباني الحديثة والجيدة في منطقة التوسعة الضرورية حول المسجد النبوي، بحيث يقتصر الهدد على ما يستحق الهد، وما يسلمه ملاكه عن رضاء نفس. 2. تجنب المبالغة في توسعة الشوارع الأربعة المتقاطعة والتي تأخذ شكل الصليب البارز بتوسعته... 3. توسعة بعض أجزاء الشوارع التي تصب إلى المسجد، بدون الالتزام بالمخطط "الدغري" ، ولكن باستغلال جمال الشوارع المتعرجة: 1) لتفادي هدم المباني الجيدة، وتدمير الخدمات الأرضية جيدة التأسيس، مثل التصريف الصحي، والتمديدات الكهربائية والاتصالات... 2) استغلال الأراضي المعطلة في المناطق كثيفة السكان. 4. ترك شارع الملك عبد العزيز على وضعه، وترك شارع قباء وشارع العوالي على أوضاعها الحالية حيث يستقل كل اتجاه بشارع مستقل يتيح الفرصة لتواجد أعداد أكبر من المحلات التجارية، وتوفر أربعة مواقف جانبية، اثنان في كل اتجاه، فيخدم السكان في المساكن التي تقع بين الاتجاهين وعلى الأطراف. 5. تنفيذ شقق للإيجار في أجزاء من المنطقة المركزية القريبة من المسجد النبوي لذوي الدخل المحدود والمتوسط من سكان المدينة، بدلا من احتلال المساكن الموسمية للمنطقة كلها. ويراعى عند إنشاء الشقق حسن استغلال الأرض ببناء يرتفع إلى عشرة أدوار مثلا، ويتألف من شقق ذات أحجام مختلفة، ذات إيجارات مختلفة، وذلك تطبيقا لمقترحات الهيئة المركزية لتطوير المدينة، وقبل هدم المباني الموجودة في إطار التوسعة الخارجية... 6. يُعجل في صرف قيم الأراضي المشتراة (المنتزعة) من المواطنين حتى يتمكنوا من الاستفادة منها والمساهمة في تعويض النقص الذي سيحصل في المساكن، وحتى لا ترتفع قيم الأراضي اللازمة للتوسعة مع مرور الوقت. 7. وبالنسبة لتوسعة المسجد النبوي –إن أمكن- جعل جزء من المساحة المخطط لها في التوسعة المقترحة توسعة أفقية وجزء منها توسعة رأسية، بدلا من جعلها كلها توسعة أفقية. ويراعى عند وضع الأساسات أنها تحتمل الاتساع راسيا أدوارا أخرى، وبارتفاعات في حدود الأربعة أمتار على أقل تقدير. وبهذه الطريقة يمكن توفير جزء من المساحة الأفقية، ويفسح المجال للتوسعات المستقبلية، بدون الحاجة إلى الهدم والتدمير.
وبهذه الطريقة سنكسب –بإذن الله- المواطنين والمقيمين في المدينة المنورة والزائرين لها من مختلف الطبقات الاقتصادية، في عصر العواصف البشرية التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط. وبهذا،ة أيضا، نوفّر أموال المسلمين فنبني للمواطنين مزيدا من المساكن المقبولة. فمن المعلوم أن نسبة المواطنين (السعوديين) الذين يملكون مساكن هي أصغر من نسبتهم في بعض الدول، الأكثر فقرا من الوطن! (الأقل غنى) ولا سيما أن مصادر الثروة الربانية الرئيسة هي في يد الدولة.
سعيد صيني 15/02/1435هـ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق