| | خطأ إخوان مصر درس لإسلاميي سوريا | |
| أثبتت الأحداث الدامية في الثلاثة أيام الماضية في مصر، التي واكبت الذكرى الثانية للثورة المصرية، صدق فرضية خطأ الإسلاميين في الاستعجال في حكم مصر بعد الثورة، وقد قلت بعيد نجاح الثورة المصرية في الإطاحة بنظام حسني مبارك إن حكم الدول بعيد سقوط الأنظمة الشمولية الديكتاتورية ينطبق عليه المثل المعروف «لا تكن رأسا فتكثر فيه الآفات»، ففساد الأنظمة الديكتاتورية مثل السوس الذي ينخر بعمق شديد؛ لا تنفع معه الحشوات ولا المسكنات، ويحتاج إلى عشرات السنين لترميم خرابهم الكبير. ثم إن الشعوب التي رزحت تحت نير الاستبداد والظلم والسرقات عشرات السنين، مهما بلغ وعيها السياسي، تستعجل بشدة قطف ثمرات ثورتها على الأنظمة الديكتاتورية، فتتوقع من الزعيم الجديد أن يطعمها من جوع ويأمنها من خوف، فإن لم يتحقق هذان العنصران، فلن تستقر الأمور حتى لو حكمها من يقرب في نظافته طهر الملائكة. لقد ارتفعت الأسعار في «عهد الرئيس مرسي»، وانخفضت العملة المصرية لمستويات قياسية، ووصلت صناعة السياحة إلى أقل معدلاتها، وهربت رؤوس أموال إلى الخارج، ورأس المال جبان، وما زالت الهشاشة الأمنية هي السائدة، ولا هيبة حقيقية للأمن. أنا أدرك أنه من المبكر الحكم للرئيس مرسي أو عليه، وأفهم أن هذه محصلة طبيعية ونتيجة منطقية لأي مرحلة تعقب ثورة، بل لا أبالغ إذا قلت إن هذه الظواهر المرضية ستبرز للسطح في هذه الفترة، حتى ولو حكم مصر «أشطر» الزعماء وأشدهم حنكة وأكثرهم دراية بأصول الحكم. لقد تعمدت ربط الهشاشة الأمنية وارتفاع الأسعار وتردي العملة بـ«عهد الرئيس مرسي»؛ ليس لأن هذه قناعتي، بل لأن هذا بالتحديد هو تفكير رجل الشارع الذي يترك التنظير للساسة ومحللي الأخبار السياسية ويبحث عن أمنه وتنميته ورغيف خبزه، ولن يتفهم أبدا أن يعمد الرئيس، ولأسباب اقتصادية مبررة، إلى أن يرفع السلع الضرورية، حتى لو كان أنموذجا تاريخيا في النزاهة والتقشف، ولو سكن العشوائيات وركب الدراجة الهوائية وأكل الطعام ومشي في الأسواق، وهذا ما حدث بالفعل حين قرر الرئيس مرسي رفع الأسعار ثم تراجع عن ذلك في اليوم التالي. كان الأولى بالإخوان المسلمين التريث وعدم السيطرة على أغلبية مقاعد البرلمان (كان هذا قرارهم الصائب قبل الانتخابات التشريعية السابقة ثم تراجعوا عنه)، وكان الأولى أن لا يكون الرئيس منهم، على الأقل في الانتخابات الرئاسية الأولى؛ فمجهر العالم كله مسلط على أول تجربة إسلامية ديمقراطية في هذا البلد المحوري والمؤثر، وفشلهم سيكون كارثيا، وهذا بالتحديد ما استشرفته حركة النهضة في تونس حين شكلت تحالفا مع قوى وطنية منافسة، وعهدت برئاسة الدولة للمرزوقي الشخصية الوطنية التي لا تنتمي إلى فصيل إسلامي، أما في الحالة المصرية فقد بدا المشهد منقسما بين إسلاميين يحكمون وليبراليين يعارضون، فحدثت فجوة وجفوة قادتا البلاد إلى هذا المأزق السياسي الخطير، مع إيماني الكامل بأن الأحزاب الليبرالية قادت معارضة فاشلة لا تبعث على الاحترام عالميا، ولا عند رجل الشارع المصري. ثم إن الأنظمة الفاسدة، وإن سقط رأسها بسهولة، ليس من السهل اقتلاع جذورها العميقة الضاربة في أعماق جل المؤسسات، فكان من الدهاء لو ترك الإسلاميون المصريون لغيرهم أن يكونوا جرافة تتلقى الكدمات والصدمات والجروح، لتكون الفترة الثانية مواتية لمنافسة خصومهم على رئاسة الدولة ومقاعد البرلمان، وفي مناخ أكثر ملاءمة. والسؤال المطروح هنا: لماذا استخدمت «لو» وقد طارت طيور «الإخوان» المصريين بأرزاقها السياسية، وابنهم له مُلك مصر، وبطريقة الانتخاب النزيه؟ وهل تنفع تخطئة أمر قضى وانتهى؟ الجواب: نعم، فهذه سوريا مقبلة على مرحلة ما بعد الأسد، وهي أشد خطورة وأكثر تعقيدا من فترة ما بعد مبارك؛ فيتعين على الإسلاميين في سوريا أن يتعلموا من درس «الإخوان» في مصر، فالعاقل هو الذي لا يلدغ من جحر الثورات مرتين. .............. الشرق الأوسط | ||
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| | الوساطة الإسلامية الغائبة |
هناك عتاب ضروري ينبغي توجيهه إلى الأحزاب الإسلامية، وهي الأحزاب التي أعتبرها رمانة الميزان للحياة السياسية الجديدة بعد الثورة، والقوة السياسية الحقيقية التي تضمن التعددية وتوازن القوى في البرلمان والحكومة، فرغم الحضور الشعبي القوي لتلك الأحزاب ومكانتها السياسية والبرلمانية التي يشهد به الجميع إلا أنها تبدو أحيانًا مفتقرة إلى روح المبادرة في الأوقات الصعبة، أو تكتفي بإدانة هذا أو التنديد بذاك، أو المطالبة بوقف بعض السلوكيات، دون أن تؤدي الدور المكافئ لحجمها ومكانتها ومأمول الوطن منها، في صيغة مبادرات جادة وتواصل فعال مع كل مكونات الطيف السياسي للمساعدة في إنقاذ مسار الثورة والوطن معًا، أنا لا أتصور غياب الأحزاب الإسلامية عن مشهد الحريق الذي يندلع الآن في مصر والذي كانت مؤشراته ومقدماته تتكاثف منذ أسابيع، لا أتصور أن تكتفي بإدانة أعمال العنف أو المطالبة بالاحتكام إلى الديمقراطية والمؤسسات أو حماية الشرعية، دون أن تتدخل في هذا الاستقطاب الحاد الذي يدور بين الإخوان المسلمين وذراعهم السياسية من جانب والأحزاب المدنية وقوى المعارضة بشكل عام من جانب آخر، وهو الاستقطاب الذي انسدت آفاق الحوار فيه ووصلنا على أعتاب المواجهات الأهلية الدموية في الشوارع والميادين، لماذا لا تتنادى أحزاب النور والبناء والتنمية ومصر القوية والوسط إلى تشكيل لجنة مشتركة ومستقلة (مجلس حكماء) لطرح رؤى وتصورات للخروج من المأزق؟ لماذا لا تبدأ تلك الأحزاب حوارًا جادًا وعميقًا مع قوى المعارضة وجبهة الإنقاذ من جانب والإخوان المسلمين من جانب آخر، للوصول إلى صيغة اتفاق يكون ملزما للجميع؟ لماذا لا تفعل الأحزاب الإسلامية المبدأ الأخلاقي الجميل "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" بمفهومه الذي أرساه النبي الكريم؟ أزعم أن الجميع الآن في حاجة إلى جهد حكيم ومستقل، الإخوان والمعارضة على حد سواء، لأن هذا الانسداد ليس في صالح الطرفين، كما ليس في صالح الوطن بكل تأكيد، ثم إن الثقة شبه منعدمة بين الطرفين، الإخوان ترى المعارضة متآمرة على الرئيس وتعمل لإسقاطه وإفشال مشروعه، والمعارضة ترى الإخوان مراوغة وغير أمينة في أي خطوة للحوار أو الشراكة السياسية وتعمل لتمكين كوادرها في الدولة "الأخونة"، فهنا يكون الوطن والجميع في حاجة ماسة إلى الدور الوسيط المسؤول والحكيم والجاد لفتح ثغرة في هذا الحائط المسدود والذي يجعل الوطن على حافة خطر حقيقي. والأحزاب الإسلامية، لكي تقوم بهذه المهمة الوطنية الخطيرة، في حاجة إلى الحفاظ على مسافة سياسية كافية من الجميع حتى يكون لدورها قبول وموثوقية من كل الأطراف، ولا تحركها عواطف الكراهية أو الغضب العفوي، ومن الضروري أن تخرج من الخنادق الفكرية والأيديولوجية التي ما زالت تحكم سلوكها السياسي وتصيبها بالتردد أمام الحراك الجديد إلى مقتضيات الشراكة السياسية التي تحتاج إلى الانفتاح والتعايش مع الآخر كما هو والعدل في تقييم المواقف جميعًا وتفهم دوافع الآخرين ومخاوفهم "ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا"، دون أن تتنازل تلك الأحزاب عن مبادئها وقيمها، كما أن دور "شرطي المرور" لم يعد يناسب الأحزاب الكبيرة، التي ينتظر منها الناس مشروعات ومبادرات وأفكار خلّاقة تساعد الوطن على الخروج من أزمته ودوامات الغضب والتمزق التي تعصف به. ........... المصريون | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| | |||||
| |||||
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| | الأسد مصيره الاغتيال بغض النظر عما يحدث في المستقبلتشومسكي: حل الصراع السوري صعب من دون تدمير البلاد |
| أكد المفكر وعالم اللغويات والناشط الأميركي نعوم تشومسكي صعوبة التوصل إلى حل للأزمة السورية من دون تدمير البلاد، وتوقع في مقابلة أجراها معه موقع " فويس أوف راشا" أن يتعرض الرئيس السوري بشار الأسد للاغتيال، بغض النظر عما سيحدث مستقبلا، مشيرا إلى أن الأسلحة الكيميائية في سوريا ستطرح مشكلة كبيرة عاجلا أم آجلا. وانتقد السياسات التي تتبناها الدول للرد على الأزمة المالية، لأنها تمهد لأزمة مالية قد تكون أشد وطأة، كما أكد أن نشر الرئيس الأميركي باراك أوباما لمنظومة دفاع صاروخي في أوروبا يشكل عملا استفزازيا للغاية بحق روسيا، مشيرا إلى أن روسيا لو قامت بشيء مماثل ضد أميركا لوقعت بالتأكيد حرب بين البلدين. وفيما يلي نص الحوار: وافق حلف شمالي الأطلسي" ناتو" على نشر صواريخ باتريوت ، من أجل الدفاع عن الحدود التركية مع سوريا. ما الذي سيحدث برأيك في أعقاب ذلك؟ لا أحد يعلم. وسوريا تتجه نحو نوع من الدمار والانتحار، ويبدو انه لا يوجد طريق سهل للخروج من هذا الوضع قريبا. وأخيرا، ساءت الأوضاع أكثر، حينما اندلعت معركة بين الأكراد وقوات الثوار. وهذا يضيف تعقيدا جديدا للوضع، ويؤثر كثيراً على تركيا بالتأكيد. ومن الطبيعي أن تشعر أنقرة بالقلق من صعود منطقة حكم ذاتي للأكراد في سوريا، وكيفية تأثيرها على المشكلة الكردية الكبيرة داخلها. لكن الوضع داخل سوريا يبدو أنه حكاية رعب متصاعد من دون حل حقيقي ممكن في الأفق. وهناك اقتراحات عدة، كالاقتراح الأخير الذي ناقشه أخيرا المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي إلى جانب روسيا وأميركا. لكن سيكون على درجة كبيرة من الصعوبة إيجاد مخرج من دون تدمير البلاد. أما الرئيس السوري بشار الأسد، فإنه يواجه عملية اغتيال بغض النظر عما سيحدث، بمعنى أنه إذا وافق على مغادرة البلاد، فمن المحتمل أن يقتل على يد مساعديه من الطائفة العلوية، لأنه سيهجرهم لمصيرهم بغض النظر عما سيكون عليه هذا المصير. وإذا لم يغادر البلاد، فإنه سيتم القضاء عليه عاجلا أم آجلا. ولقد بدأت تبرز مشكلة أخرى، وهي مشكلة الأسلحة الكيميائية. وسوريا قد تجاوزت ما يطلق عليه أوباما الخط الأحمر. لكن أميركا تراجعت لاحقا وخففت معيار الخط الأحمر، لكن عاجلا أو أجلا ستطرح هذا الأسلحة مشكلة كبيرة. ولم يقدم أحد إجابات بشأنها، وأميركا لا يمكنها قصفها! العلاقات الأميركية الروسية هل يمكن أن تذكر لنا رأيك بموضوع إعادة انتخاب أوباما لولاية ثانية؟ ماذا الذي يعنيه هذا الأمر لروسيا، لا سيما بعلاقته بمنظومة الدفاع الصاروخي لأميركا التي سيجري تجميعها قريبا في أوروبا، أو على الأقل هذا ما نعتقده؟ أولا، يجدر الأخذ بالاعتبار أنه على جميع الجهات، يدرك المحللون الاستراتيجيون، ويفترض القادة السياسيون أيضا، أن منظومة الدفاع الصاروخي هي سلاح الضربة الأولى. وطبعا، تدرك روسيا هذا الأمر ،والمخططون الأميركيون يدركون ذلك أيضا وغيرهم. بالتالي، فإن نشر منظومة صاروخية قرب الحدود الروسية، وهذا ما يجري التخطيط له، هو عمل استفزازي للغاية. ولو حاولت روسيا القيام بأمر مماثل، بنشر منظومة صاروخية في كندا على سبيل المثال، لذهبنا إلى الحرب، ولما جرى التسامح بشأن هذا الموضوع حتى من بعيد. يذكر أن أوباما في الأشهر الماضية، أدلى فيما وراء الكاميرا ببعض التعليقات، ملمحا إلى احتمال التراجع عنها بعد الانتخابات. وأصبحت هذه قضية شائكة هنا. لكن إذا ما كان سيفعل شيئا بهذا الخصوص، فأنا أشك في الأمر إلى حد كبير. ما رأيك بالعلاقات الروسية الأميركية؟ كيف ستتطور في المستقبل؟ حسنا، تحدثنا قليلا عن هذا الأمر. يوجد لدى روسيا كثير من المشكلات الداخلية، وكيفية معالجتها لهذه المشكلات ليست واضحة إلى حد بعيد. والصراعات المباشرة بين روسيا وأميركا قد لا تكون بالحدة ذاتها التي تكمن بين أميركا والصين. في حالة الصين وأميركا، يوجد بين الدولتين علاقات تجارية هائلة. وفي الواقع، تملك الصين جزءا مهما من الدين الأميركي، بمقدار يزيد قليلا عما تملكه اليابان. وطبعا أميركا وأوروبا يعدان السوق الاستهلاكية الرئيسية للبضائع الصينية. أما في حالة روسيا، فإن هذه العلاقات تقل كثيرا. وهي في الواقع لا تتجاوز صادرات الطاقة. بالتالي العلاقة مختلفة كليا. روسيا والاتحاد الأوروبي ما هي توقعاتك هذه السنة فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية في الاتحاد الأوروبي؟ وعموما، ما سيحدث برأيك في العلاقات الدولية، والعلاقات الروسية الأميركية، والعلاقات الصينية الأميركية. هذه أسئلة كثيرة تصعب الإجابة عليها. وكثير من الأمور تبدو ملتبسة. لنبدأ بالأزمة المالية. فالأزمة المالية أوجدتها حلقة من الازدهار- فالإفلاس- فالإنقاذ ما يطلق عليها تسمية "دوم لوب" والتي ستكلف دافعي الضرائب مزيدا من الأموال، وتشكل تهديدا متزايدا للاقتصاد الكلي على مر الزمن، بحسب أحد مديري بنك إنجلترا المسؤول عن الاستقرار المصرفي. وهذا الأمر يعود لوجود نظام في أميركا وبريطانيا وأماكن أخرى إلى حد ما، حيث يجري تشجيع شركات الاستثمار الكبرى أساساً لاتخاذ مبادلات محفوفة بالمخاطر تسمح لها بتحقيق أرباح طائلة ، وهذه الشركات تستطيع تحقيق هذه الأرباح الطائلة في الأساس لأن المبادلات تنطوي على مخاطرة بالأصل. وسوف تنهار هذه الشركات عاجلا أم آجلا بسبب المخاطرة، وهنا يأتي دور دافع الضرائب لإنقاذها. بالتالي، هناك بوليصة تأمين حكومية للمصارف الكبرى. والاسم الذي يطلق عليها في أميركا هو "شركات أكبر كثيرا من أن يسمح لها بالفشل" بالتالي يتعين علينا إنقاذها عندما تقع في مشكلات. إنها في الأساس بوليصة تأمين حكومية. وتقدر بعملة اليورو تقريبا بحوالي 50 مليار دولار في السنة تذهب للمصارف الكبرى وذلك في سبيل منحها تصنيف ائتماني أعلى وما إلى ذلك. ووكالات التصنيف الائتماني عندما تقوم بتصنيفاتها تأخذ بعين الاعتبار احتمال إنقاذها من قبل دافعي الضرائب في حال ساءت أوضاعها، وكل هذا مجرد تشجيع للاستمرار في تلك الحلقة من المبادلات الخطرة. أرباح تليها خطط إنقاذ، وهذا الأمر يجري منذ سنوات ريغان الأولى. وتم تشجيع هذه السياسة في الوقت الذي كان يجري تفكيك الأجهزة التنظيمية لسياسة "نيو ديل". وفي اليونان، يوجد كثير من المشكلات الداخلية، لكن الأمر اللافت للنظر تحديدا يتمثل في حالة إسبانيا لأنه قبل انهيار النظام المالي الذي لم يكن خطأ الحكومة، وإنما خطأ المصارف الإسبانية، وبما في ذلك المصارف اليونانية التي كانت تعمل في الإقراض، فإنه قبل هذا الانهيار في عام 2007 كانت ميزانية الدولة الإسبانية في وضع جيد. وفي الواقع، تعد إسبانيا من أقل الدول انفاقا في أوروبا على الخدمات الاجتماعية، وغيرها. بالتالي ليست القضية قضية انفاق حكومي، بل هي مشكلة مصرفية وتزداد سوءا. وحتى صحافة الأعمال تنتقد هذا الوضع. وفي الواقع، بدأ صندوق النقد الدولي التراجع عن تلك السياسيات لأنه أصبح من الواضح جدا إلى أين ستؤدي على الصعيد الاقتصادي. ويجدر التذكير بأن المصرف المركزي الأوروبي هو أكثر رجعية بكثير من نظيره الأميركي، الاحتياطي الفيدرالي. فالاحتياطي الفيدرالي لديه تفويض مزدوج. التفويض الأول هو السيطرة على التضخم، ولا يوجد هناك إشارة إلى وجود تضخم في الداخل. والتفويض الثاني يتمثل في الحفاظ على العمالة الكاملة. وبالطبع، لا يفعل الاحتياطي الفيدرالي الكثير على هذا الصعيد، لكنه على الأقل يقوم ببعض التحركات. أما المصرف المركزي الأوروبي، فهو يملك التفويض الأول فقط، وهو السيطرة على التضخم. وكان عليه التحكم بالتضخم على مستوى متدن مصطنع بحدود 2%، مفروض من قبل مصرف "بوندسبنك" ومضر كثيرا بالاقتصادات، ولا يملك تفويضا للقيام بأي شيء بشأن العمالة. بالتالي، سياساته كانت في الواقع أسوأ من نظيره في أميركا الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. وهذا الأمر يتجلى الآن في أوروبا. وإحدى النتائج المترتبة على هذا الوضع وصفها رئيس المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي. ففي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال قال إن العقد الاجتماعي في أوروبا غير مستدام، بل ميت، ويتعين علينا أن نتخلى عن دولة الرفاه. من وجهة نظر النخبة وشريحة الأثرياء، يعد هذا أمر جيد بالنسبة لهم، فهم لم تكن تعجبهم دولة الرفاه أبدا. لكن إذا جرى تفكيكها، فسيكون هذا أمر سيئ جدا. وهذا هو المسار الذي تسير عليه أوروبا الآن إلا إذا حصل تغيير كبير. فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، هناك الكثير الذي يمكن قوله. فالعلاقات الأميركية الصينية تتصف بالتعقيد، واقتصاديا تعد الصين قوة صاعدة واعتقد أن الناس يستخفون بالمشكلات الداخلية للصين في سبيل الحفاظ على النمو. ويوجد هناك نزاع أمني، يدعى في أميركا بالتعبير المهني "مأزق أمني كلاسيكي". فالصين تريد أن تسيطر على المياه القريبة منها حيث تجري معظم تجارتها. وأميركا أيضا تريد السيطرة على المياه القريبة من الصين. بالتالي هناك صراع. ودول أخرى في المنطقة لديها صراعاتها الخاصة مع الصين وتتركز حول السيطرة على الجزر في بحر الصين الجنوبي وغيرها. بالتالي، هناك مشكلات كثيرة ولا أحد يعلم كيف ستحل هذه المشكلات. هناك مشكلة مع الجزر اليابانية.. في الغرب تدعى الجزر اليابانية، لكن الصينيين يطلقون عليها تسمية الجزر الصينية. وفي الواقع، إذا نظرت إلى التاريخ، فإنه لا يوجد لليابان الكثير لتطالب به. سلاح الضربة الأولى يؤكد المفكر وعالم اللغويات الأميركي نعوم تشومسكي، أن المحللين الاستراتيجيين، ويفترض القادة السياسيين أيضا، ينظرون إلى منظومة الدفاع الصاروخي باعتبارها سلاح الضربة الأولى، وأنه حتى لو كانت تعمل، وهذا سؤال يطرح، لكن في حدود المدى التي تعمل فيه، لن تكون قادرة على إيقاف الضربة الأولى. وبالتالي، وإن كان بإمكانها نظريا منع ضربة ثأرية تقابل الأذى بمثله، إلا أنها تبقى سلاح الضربة الأولى بشكل فعال. وروسيا تدرك هذا الأمر كذلك المخططون الأميركيون وغيرهم. وبالتالي، يؤكد تشومسكي أن نشر منظومة صاروخية قرب الحدود الروسية، الذي جرى التخطيط له، يشكل عملاً استفزازياً للغاية. ولو حاولت روسيا القيام بمثله، في كندا على سبيل المثال، لنشبت الحرب بين البلدين ، ولما جرى التسامح بشأن هذا الأمر حتى من بعيد. ويشير تشومسكي إلى إجراء أوباما بعض التعديلات الطفيفة على الخطط الموضوعة بشأن المنظومات الصاروخية التي وضعت خلال ولاية بوش، لكنه يرى بأن هذه التعديلات تبقي المنظومة مع ذلك بوضع يستوجب من الجيش الروسي والمحللين الاستراتيجيين الروس النظر إليها على أنها تهديد جسيم، تماما كما كانت ستفعل أميركا لو كانت روسيا تقوم بشيء مماثل. وعلى الرغم من إدلاء أوباما في الأشهر الأخيرة، ما وراء الكاميرا ببعض التعليقات ملمحا إلى احتمال التراجع عنها بعد الانتخابات، إلا أن تشومسكي يعرب عن شكوكه الكبيرة في احتمال سير أوباما في هذا الاتجاه. تقسيم مؤقت يرى المفكر وعالم اللغويات نعوم تشومسكي أن الرئيس السوري بشار الأسد يواجه الاغتيال بغض النظر عما سيحدث في سوريا، بمعنى أنه إذا وافق على مغادرة البلاد، من المحتمل أن يقتل على يد شركائه من الطائفة العلوية، لأنه سيهجرهم لمصيرهم بغض النظر عما سيكون هذا المصير. وإذا لم يغادر البلاد، فإنه سيتم القضاء عليه عاجلا أم آجلا. ويشير إلى وجود اقتراحات عدة بالنسبة للأزمة السورية ومن بينها اقتراح من قبل الاختصاصي نيكولاس نوي، الذي يشير إلى نوع من تقسيم لفترة مؤقتة، تبقي المنطقة حول دمشق تحت سيطرة الأسد، فيما تترك باقي البلاد تحت سيطرة الثوار، مع رؤية إذا كان بالإمكان العمل على نوع من اتفاق مؤقت بين الأطراف المتنازعة بانتظار تسوية نهائية، وهذا الأمر يأمل أن ينتج عنه انحسار في العنف وربما تسوية يجري التفاوض بشأنها. لكنه يشير إلى احتمال عدم نجاح الاقتراح، على الرغم من أنه برأيه يستحق المحاولة. وما عدا ذلك يقول إنه لم يسمع بأي اقتراح جيد حتى الآن. ................... المصدر:البيان الاماراتية
| |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| |
مشاركات وأخبار قصيرة | |||||||||||||||||||
الرئيس المصري يتعهد بالحزم ويفرض الطوارئ في مدن القناة تطورت الاحداث في مصر، بشكل متسارع امس، فبعد استمرار الاشتباكات في مدن القناة ومقتل المزيد من المحتجين، أعلن الرئيس محمد مرسي مساء أمس فرض حالة الطوارئ في المدن الثلاث المطلة على قناة السويس، وهي بورسعيد والسويس والإسماعيلية، لمدة 30 يوما. وقال في كلمة بثها التلفزيون المصري الليلة الماضية «حقنا للدماء وحفظا للأمن ضد مثيري الشغب قررت إعلان حالة الطوارئ بمحافظات بورسعيد والسويس والإسماعيلية لمدة 30 يوما بعد منتصف الليلة، كما أعلن حظر التجول في نطاق المحافظات الثلاث طوال مدة إعلان حالة الطوارئ». ويبدأ حظر التجول من التاسعة مساء إلى السادسة صباحا. وشدد مرسي على أنه سيتخذ مزيدا من الإجراءات عند الضرورة للحفاظ على أمن البلاد. وأضاف «سنواجه أي تهديد للمواطنين والممتلكات بكل حسم وقوة ولا مجال للتردد في ذلك. وقدم مرسي تعازيه للضحايا الذين سقطوا طيلة الأيام الثلاثة الماضية, وخص بالذكر بورسعيد والسويس. ووصف من سماهم مثيري الشغب ومن يقطعون الطرق بأنهم من الثورة المضادة. وفي أثناء ذلك شهد الممر الملاحي لقناة السويس أمس حالة من الاستنفار الأمني. وقال الجيش إن الممر الملاحي الأهم في العالم «آمن وتحت السيطرة»، وذلك مع استمرار الاضطرابات في مدينتي بورسعيد والسويس. وتواصلت الاشتباكات أيضا في شوارع القاهرة وبالقرب من موقع السفارتين الأميركية والبريطانية في العاصمة، اللتين أغلقتا أبوابهما أمام الجمهور أمس لهذا السبب، في وقت وصل فيه خبراء عسكريون من كل من واشنطن ولندن إلى العاصمة المصرية دون مزيد من التفاصيل عن سبب الزيارة.
قيمة عقد الشركة الاستشارية أكبر من قيمة إنشاء المشروع وضع الكاتب السعودي عبدالعزيز السويد قد وضع على حسابه على "تويتر" صورة هذه اللوحة مما فتح باب السخرية والتساؤل أمام المغردين حول حقيقة صحة قيمة العقد الاستشاري وكيف يمكن أن يكون أكبر من قيمة إنشاء المشروع نفسه؟! ////////////////////////////////////////////////////////////////////////////// بالفيديو.. الأمير محمد بن نايف يزور الشيخ الفوزان بمنزله ويقبل رأسه الرياض ( صدى ) : قام وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز بزيارة شخصية مساء أمس (الأحد) إلى منزل الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء. وتم خلال اللقاء الودي التقاط عدد من الصور تناقلها النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي تويتر فضلا عن مقطع فيديو رصد جزءاً من المقابلة التي أنهاها سموه بتقبل رأس الشيخ الفوزان قبل مغادرته منزله. http://www.slaati.com/2013/01/28/p2180.html?utm_source=twitterfeed&utm_medium=twitter ///////////////////////////////////////////////////////////////////////////// ألزمت جامعة الأقصى، الحكومية فى قطاع غزة، طالباتها بارتداء الحجاب الشرعي مع بداية الفصل الدراسى الثانى، اليوم الأحد. وقال عميد شئون الطلبة بجامعة الأقصى رياض أبو زناد، إن "الجامعة ستطبق قرارا يقضى بمنع الطالبات من ارتداء زى يظهر مفاتن الجسد". وأضاف أن "ما بين 95 إلى 97% من طالبات جامعة الأقصى ملتزمات بالزى الشرعى، والنسبة الباقية من الطالبات غير الملتزمات بالزى الشرعى بالكامل يرتدين ملابس غير فاضحة". وتابع أن قرار الجامعة جاء من أجل "تذكير الطالبات غير الملتزمات بالزى الشرعى، وإقناعهن بضرورة ارتدائه.. ". من جهة أخرى, اعتبرت "الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات" نصب منصة زفاف لعروسين يهوديين قرب ساحة البراق غرب المسجد الأقصى المبارك، "أسلوبًا تهويديًّا جديدًا، وخطوة إلى الأمام بتهويد الحرم القدسي الشريف وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه". وأشارت الهيئة إلى العديد من الوسائل والأساليب "التي تبتكرها سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" في سبيل تهويد المدينة المقدسة، وطمس معالمها ، وإضفاء المعالم اليهودية التلمودية على كل جزء منها. ....... المسلم ///////////////////////////////////////////////////////////////////////////// محاضرة ( التعددية الدينية)الشيخ د.سعد بن مطر العتيبيديوانية الشيخ أحمد الحمدان............... محاضرة قيمة .. رائعة ...تفيض اعتزازا بالإسلام أنصح بها .. كما أنها تهم إخواننا التنويريين (أو بالأصح من سموا أنفسهم بالتنويريين)!!! نور الله قلوبنا جميعا وإياهم بنور الإيمان ... جاء في المقدمة : التعددية الدينية.. الحقيقة والآثار.. مصطلح متداول في وسائل الإعلام سواء العربية الإسلامية أو الأجنبية.. يفسر لدى عدد من النخب بتفاسير متعددة,بعضها تؤدي إلى المعنى الحقيقي لها, وهي قليلة جدا, والكثير بل والأصل في تلك التفاسير للأسف أنها تحمل التدليس والتلبيس.... http://www.4cyc.com/play-Cti395gxBag رابط آخر http://www.youtube.com/watch?v=Cti395gxBag .....................سماوية | ||||||||||||||||||||
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| | الخطوط السعودية في ذيل القائمة !! خالد الشريدة |
| تضع الخطوط السعودية نفسها دائما موضع الاتهام والدفاع، وذلك في تقديري المتواضع لا ينسجم مع كونها شركة احترافية مهنية تعمل منذ عشرات السنين في مجال الخدمات، ولديها إدارة للعلاقات العامة يبدو واضحا أنها لا تجيد عملها في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة العريقة والعملاقة وإنما لديها «فورمة» جاهزة للرد على أي نقد أو انتقاد خلاصته نفي متكرر وجاهز، فإذا كانت هناك مشكلة حجوزات فالخطوط تنفي، وإذا تناول المسافرون لحم خنزير فالخطوط تنفي وتؤكد أنه «بيف» أو «مورتيدلا» والمشكلة في ذائقة المسافرين، وهكذا نجد أننا في دوامة نفي لا تنتهي في كل حالة سلبية تلحق بالخطوط السعودية. لا أتصور أن هناك من يتعاطف مع الخطوط السعودية، فأداؤها لا يشفع لها ويضعها في المكان غير المناسب رغم الدعم الكبير الذي تحظى به، واضطرارنا كمسافرين خاصة في الرحلات الداخلية للسفر بها، لذلك فإن المشكلة من خلال ما نعرفه من ميزات حصرية تقريبا في النقل الداخلي في هيكلها الإداري ومنهج عملها وليس في أسطولها الذي يضم عشرات الطائرات المتنوعة وخدمات أرضية ومساندة من الأفضل عالميا، لكن المحصلة صفر كبير. ويبدو أن كل شركة طيران من حول الخطوط السعودية تنمو وتتطور وتتصدر المعايير الدولية، بينما هي «محلك سر» وذلك أمر مخجل ويدعو للأسى والأسف، فناقلنا الوطني ينبغي أن يكون عنوانا وسفيرا دوليا معتمدا يعكس كثيرا من الميزات والنمو والتطور، فقيمتها أكبر من نقل الركاب عالميا لا تبدو سمعة الخطوط السعودية بخير أو في أفضل أحوالها بما يستقيم مع المعطيات والمعايير الدولية، حيث يشهد قطاع النقل تنافسا حادا، ولولا النقل الداخلي ربما ما وجدت الخطوط مسافرين في ظل توافر خيارات أخرى، هناك شركات حديثة لكنها سبقت خطوطنا رغم أقدميتها، ولا أدلل على ذلك من استشهادي بتقرير حديث أصدره مركز ألماني متخصص في السلامة والطيران، كشف أن الخطوط السعودية جاءت ضمن أسوأ 10 شركات طيران باحتلالها الترتيب الخامس والخمسين من حيث الأمان والسادس من حيث الخطورة. التقرير الذي أصدره مركز JACDEC الألماني وهو مركز متخصص في السلامة والطيران، أشار الى أن القائمة شملت خطوط الطيران العالمية، حازت فيها الخطوط الإماراتية على المركز الرابع، فيما حصلت مواطنتها «الاتحاد» على المركز الخامس، وهاتان الشركتان لم يطل بهما الزمن كخطوطنا لتحصلا على هذا التصنيف الذي حين نقيسه بعمر خطوطنا فلا أقل من أن نصفه بأنه «كارثي» إذ إنه رغم سنوات الخبرة التراكمية في النقل الجوي والدعم الكبير الذي تحظى به فإنها متأخرة عن شركات طيران لم يتعد عمرها عشر سنوات، وذلك يعني تخلفا وتأخرا وعجزا عن المواكبة لا مبرر له غير عيوب هيكلية في إدارة الشركة. تصنيف آخر أجرته «سكاي تراكس» احتلت فيه الخطوط السعودية المرتبة 87 في العالم بسبب عدم استطاعة الشركة على الحصول على رضا المسافرين على متن طائراتها، فيما احتلت الخطوط القطرية المرتبة الأولى في نفس التصنيف للعام الثاني على التوالي، بينما جاء في المرتبة الثانية «آسيان ايرلاينز» الكورية، وثالثا الخطوط السنغافورية، ويبدو أن كل شركة طيران من حول الخطوط السعودية تنمو وتتطور وتتصدر المعايير الدولية، بينما هي «محلك سر» وذلك أمر مخجل ويدعو للأسى والأسف، فناقلنا الوطني ينبغي أن يكون عنوانا وسفيرا دوليا معتمدا يعكس كثيرا من الميزات والنمو والتطور، فقيمتها أكبر من نقل الركاب وإنما هناك معان ودلالات أخرى يبدو أن مسئولي الخطوط السعودية لم يعوها جيدا. من حققوا الانجازات لوطنهم ليسوا أفضل منا، لذلك لابد من إعادة النظر في حال الخطوط حتى لا نجد أنفسنا في التصنيف المقبل خلف خطوط غينيا الاستوائية أو «واق الواق». ....... اليوم السعودية | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| | مناقشة علمية لعدنان إبراهيم في طعنه في عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ساعد عمر غازي |
تناول الدكتور عدنان إبراهيم الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، بالطعن واللمز من حيث أنه لا يصلح للخلافة، وأنه لا يصلح إلا للنساء، وأن ذلك هو رأي أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في ابنه عبد الله رضي الله عنه، مستشهدا ببعض المرويات يقول عدنان إبراهيم:"أبوه غضب جداً لمجرد أن رجل رشحه لأبيه وهو مطعون رضوان الله عليه وهو يجود بأخر أنفاسه للخلافة غضب جداً جداً وقال: ثكلتك أمك والله ما أردت بها الله. وفي رواية أخرى قال: عبد الله ابني: لا يصلح إلا للنساء". ثم لما أنكر الشيخ عثمان الخميس وفقه الله على عدنان إبراهيم ما قاله في حق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، لم يرجع بل تمادي وعمل محاضرة خصصها للرد على استنكار الشيخ عثمان وغيره، يثبت فيها بالأدلة حسب زعمه بأن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لا يصلح إلا للنساء، فأتي بكتاب أنساب الأشراف للبلاذري، ومصنف عبد الرزاق، وسيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزي ليستخرج منهم أدلته على ما أراد أن يرمي به ابن عمر رضي الله عنهما، فقال عدنان إبراهيم في محاضرته هذه:"موقف ابن عمر مع النساء إيش قصة ابن عمر مع النساء، في "أنساب الأشراف" عن الأعمش عن إبراهيم -النخعي- قال: قال عمر رضي الله تعالى عنه: لو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لاستخلفته، فقال رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت من عبد الله بن عمر؟ فقال عمر: قاتلك الله، والله ما الله أردت بهذا القول، أستخلف رجلاً لم يحسن أن يطلق امرأته؟ ورواه هكذا ابن سعد في الطبقات". انتهى كلام عدنان. وهذا الأثر الذي استشهد به ضعيف فإبراهيم النخعي لم يسمع من عمر رضي الله عنه فروايته عنه منقطعة، قال أبو حاتم:لم يلق أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا عائشة ولم يسمع منها شيئاً فإنه دخل عليها وهو صغير وأدرك أنساً ولم يسمع منه. وقال أيضاً: إبراهيم النخعي عن عمر مرسل. هذا من حيث سند الرواية. ونزيد عدنان أن البلاذري في "أنساب الأشراف" أخرج من طريق علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب كان مسنداً إلى ابن عباس، وكان عنده ابن عمر وسعيد بن زيد، فقال: اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئاً، ولم أستخلف بعدي أحداً، وأنه من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله، ... فقال له رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت عن عبد الله بن عمر؟ فقال له: قاتلك الله. والله ما أردت الله بها. أستخلف رجلاً لم يحسن يطلق امرأته؟". وهذا سند ضعيف، وعلي بن زيد هو ابن جدعان ضعيف، ضعفه غير واحد، قال سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد: حدثنا على بن زيد، و كان يقلب الأحاديث. وفي رواية: كان على بن زيد يحدثنا اليوم بالحديث ثم يحدثنا غداً ، فكأنه ليس ذاك. وقال ابن خزيمة : لا أحتج به لسوء حفظه. وقال ابن حبان : يهم و يخطئ، فكثر ذلك منه فاستحق الترك. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب":"ضعيف". ولكن عدنان في هذه المحاضرة لم يذكر الرواية الأخرى التي ذكرها في قول الأول وهي:"عبد الله ابني: لا يصلح إلا للنساء"، وهي تخالف من حيث المعنى رواية :"لم يحسن يطلق امرأته"، كما هو ظاهر، ونحن نطالبه بأن يذكر أين هذه الرواية؟ ثم نطالبه بصحتها إن وجدها!!، وهذه الرواية لو كانت عنده في كتاب لسارع في أخراجه وقرأ الرواية منه، كما صنع في بقية ما ذكره من روايات، أو على الأقل أعادها مرة أخرى؛ إنما هي من بنات أفكاره، أراد أن يرمي بها ابن عمر رضي الله عنهما، وعدنان إبراهيم، كما ظهر لكل من يستمع له من العلماء وطلبة العلم بعناية وتتبع أنه يكذب فيما ينقله ويعزوه من أحاديث وروايات، كما أنه لا يحسن ألفاظ كثير منها، ويصحح الضعيف ويضعف الصحيح وقد جمعنا في ذلك مسائل سيأتي ذكرها إن شاء الله. ولم يكتف عدنان إبراهيم بذكر هذه الرواية الضعيفة عن عمر رضي الله عنه، بل ذهب إلى تقرير هذا على سبيل القدح في ابن عمر رضي الله عنهما فقال:"هذا لا يصلح، حتى لتطليق نسائه يعني ضعيف في النواحي هذه، هذا اعتقادي في هذا الرجل". وقال أيضاً:"لكنه شخصية ضعيفة مترددة، هذا لا يضيره ولا يشينه يا جماعة". وقال أيضاً:"لكن ستدرك أيضاً أنه لا يصلح أن يكون قيادة سياسية لا ينفع يا جماعة". نقول لعدنان وغيره، على فرض تقوية قول عمر:"لم يحسن يطلق امرأته"، بمجموع الطريقين فكل ما في هذه الرواية أن عمر رضي الله عنه أراد أن يبعد ابنه عبد الله عن أمر الخلافة، إما من باب الورع، أو من باب شفقة الأب على ابنه، أو من باب نظرة الأب لابنه الذي قد لا يعجبه في ابنه أشياء قد لا تلفت نظر الناس ولا يعتبرونها تضر أو تقدح، ولعل كان قول عمر رضي الله عنه إن صح في الجملة من باب قفل الباب أمام الناس، فذكر ما يظن أنه يكفي ليكون عذراً عند الناس، وهو في حقيقة الأمر لا يقدح مطلقاً في شخصية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ولعل اختيار عمر رضي الله عنه لأمر تطليق النساء كان له قصة تخص عمر رضي الله عنه مع ابنه عبد الله رضي الله عنه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"كانت تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها، فقال عمر: طلقها فأبيت، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:" أطع أباك وطلقها". أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والطحاوي في "المشكل"، و الحاكم، وأحمد. وقال الترمذي:"حسن صحيح"، وحسنه الألباني في "الصحيحة". ثم إن قصة تطليق ابن عمر لامرأته في الحيض مشهور وهي في الصحيحين نذكر منها عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ...". الحديث. إلى غير ذلك من روايات هذا الحديث، والذي يعنيننا هنا هو أن عمر رضي الله عنه أمر عبد الله رضي الله عنه بتطليق امرأته، وباشر أيضاً سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عندما طلق عبد الله رضي الله عنه امرأته في الحيض، فلعل هذا الأمر ظل عالقاً في ذهن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فأخذه على أبنه عبد الله رضي الله عنه، إما لعدم سماع كلامه في بداية الأمر عندما أمره بتطليق زوجته، أو لأنه طلقها وهي حائض، مما جعل عمر رضي الله عنه يقول قوله هذا، قال ابن حجر في "فتح الباري" وهو يتكلم على تطليق ابن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض:"فقد يحتمل أن لا تكون عن شقاق بل عن سبب آخر وقد روى أحمد والأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كان تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها فقال طلقها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال أطع أباك. فيحتمل أن تكون هي هذه ولعل عمر لما أمره بطلاقها وشاور النبي صلى الله عليه وسلم فامتثل أمره اتفق أن الطلاق وقع وهي في الحيض فعلم عمر بذلك فكان ذلك هو السر في توليه السؤال عن ذلك لكونه وقع من قبله". ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر ما وقع في كلام بعضهم من لمز ابن عمر رضي الله عنهما، وبيان حقيقته، حتى لا ندع لعدنان إبراهيم مجالاً للتعقب على طريقته، في التعالي والتعالم وعدم الدقة في التحقيق، فقد جاء في كلام علي بن الجعد بن عبيد أبو الحسن البغدادي، الجوهري، مولى بني هاشم الحافظ، الحجة، مسند بغداد، المتوفي سنة 230هـ: قال يحيى بن معين: ثقة صدوق. وقال أيضاً: علي بن الجعد أثبت البغداديين في شعبة. وقال فيه مسلم: هو ثقة لكنه جهمي. وقال أبو حاتم:كان متقناً صدوقاً.وقال أبو زرعة: كان صدوقاً في الحديث. وقال النسائي: صدوق. لكن جاء عنه أنه يطعن على بعض الصحابة رضي الله عنهم، فأخرج العقيلي في "الضعفاء" (3/225)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (/)، من طريق أبي غسان الدوري -وفي بعض النسخ المروزي- يقول كنت عند علي بن الجعد فذكروا عنده حديث ابن عمر كنا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان فيبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره فقال علي:"انظروا إلى هذا الصبي هو لم يحسن يطلق امرأته يقول كنا نفاضل". وقال أبو غسان: كنت عند علِي بن الجعد فذكروا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن إن ابني هذا سيد فقال من جعله سيداً، وأخرج العقيلي والخطيب من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: قلتُ لعلي بن الجعد بلغني أنك قلت ابن عمر ذاك الصبي، قال:"لم أقل ذلك ولكن معاوية ما أكره أن يعذبه الله". فنفى الوقيعة في ابن عمر رضي الله عنهما وأثبتها في معاوية رضي الله عنه!! إلا أن أبا دود قال كما نقل عنه الآجري:"علي بن الجعد وسم بميسم سوء، قال: ما يسوؤني أن يعذب الله معاوية وقال ابن عمر ذاك الصبي". ونقل عنه أيضاً أنه وقع في أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، فأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد: قال هارون بن سفيان المستملي المعروف بالديك قال: كنت عند علي بن الجعد فذكر عثمان بن عفان فقال: أخذ من بيت المال مائة ألف درهم بغير حق، فقلت: لا والله ما أخذها ولئن كان أخذها ما أخذها إلا بحق، قال، لا والله ما أخذها إلا بغير حق، قلت: لا والله ما أخذها إلا بحق. قال الألباني في"الضعيفة" (14/935):"وهارون بن سفيان - هو: ابن بشير أبو سفيان مستملي يزيد بن هارون يعرف بـ(الديك )-: له ترجمة في "تاريخ بغداد" (14/25) برواية جمع أخر عنه، مات سنة (251)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً". ولما نقل عنه من وقوعه في الصحابة رضي الله عنهم، جعل الإمام أحمد لا يحدث عنه وينهى أبنه عبد الله من الذهاب إليه فقال العقيلي قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل: لم لم تكتب عن علي بن الجعد؟ فقال: نهاني أبي أن أذهب إليه فكان يبلغه عنه أنه تناول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال زياد بن أيوب سأل رجل أحمد بن حنبل، عن علي بن الجعد، فقال الهيثم: ومثله يسأل عنه؟ فقال أحمد : أسمك أبا عبد الله فذكره رجل بشيء ، فقال أحمد : ويقع في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أبو زرعة الرازي:"كان أحمد بن حنبل لا يرى الكتابة عن علي بن الجعد، ولا سعيد بن سليمان، ورأيت في كتابه مضروباً عليهما". فالقول الذي نسب لعلي بن الجعد في ابن عمر رضي الله عنهما، باطل لا يقبل، سواء رجع عنه أم لم يرجع، وكذلك قوله في غيره من الصحابة رضي الله عنهم، فلا يفرح عدنان إبراهيم وأمثاله بتلك الزلات!! وأعود فأقول: إن في النفس شيء من تقوية قول عمر رضي الله عنه:"لم يحسن يطلق امرأته"، فقد جاء ما يخالفه عن عمر رضي الله عنه، فنقول لعدنان إبراهيم إن السبب الذي من أجله لم يذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ابنه عبد الله في أهل الشورى هو؛ لأن عمر رضي الله عنه جنب ابنه أمر الولاية من بعده، لا لأنه لا يصلح لها، أو لأنه لا يصلح إلا للنساء؛ أو لأنه شخصية ضعيفة مترددة، كما كذب وافترى عدنان، إنما لأمر آخر، وهو أن عمر رضي الله عنه أراد أن يجنب قرابته أمر الاستخلاف، وهذا من ورع عمر رضي الله عنه وقد فعل هذا أيضاً مع سعيد بن زيد ابن عمه أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله بالجنة وسعيد بن زيد هو راوي حديث العشرة، لذلك قال ابن حجر في "فتح الباري":"واقتصار عمر على الستة من العشرة لا إشكال فيه؛ لأنه منهم وكذلك أبو بكر ومنهم أبو عبيدة وقد مات قبل ذلك وأما سعيد بن زيد فهو ابن عم عمر فلم يسمه عمر فيهم مبالغة في التبري من الأمر وقد صرح في رواية المدائني بأسانيده أن عمر عد سعيد بن زيد فيمن توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض إلا انه استثناه من أهل الشورى لقرابته منه وقد صرح بذلك المدائني بأسانيده قال فقال عمر: لا أرب لي في أموركم فأرغب فيها لأحد من أهلي". وفي صحيح البخاري في حديث البيعة بعد عمر قال عمر:"يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ -كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ –". قال ابن حجر:"قوله:"كهيئة التعزية له": أي لابن عمر لأنه لما أخرجه من أهل الشورى في الخلافة أراد جبر خاطره بأن جعله من أهل المشاورة في ذلك". فعمر رضي الله عنه يجعل عبد الله رضي الله عنه في أهل المشاورة في أمر الخلافة، مما يدل على أن عمر رضي الله عنه يعرف مدى رجاحة عقل ابنه عبد الله رضي الله عنه، إنما أراد تجنب ترشيحه لأمر الخلافة لقرابته منه، لا كما ذهب عدنان إبراهيم، ثم نذكر هذا الحديث لكي نرى رجاحة فهم ابن عمر من صغره، وفرح عمر رضي الله عنه بذلك، فقد أخرج البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنَا بِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هِيَ النَّخْلَةُ قَالَ عَبْدُ اللهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا". وفي رواية:"قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هِيَ النَّخْلَةُ فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ قَالَ لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ، أَوْ أَقُولَ شَيْئًا قَالَ عُمَرُ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا". قال ابن حجر:"ووجه تمنى عمر رضي الله عنه ما طبع الإنسان عليه من محبة الخير لنفسه ولولده ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره وليزداد من النبي صلى الله عليه وسلم حظوة ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم". وقال النووي:"وفيه سرور الإنسان بنجابة ولده وحسن فهمه وقول عمر رضي الله عنه لأن تكون قلت هي النخلة أحب إلى أراد بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو لابنه ويعلم حسن فهمه ونجابته". ثم أن ابن عمر رضي الله عند علماء الأمة من علماء الصحابة ومن فقهاء الأمة،قال الذهبي في سير أعلام النبلاء:"الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ"، وقال ابن حجر:"وهو أحد العبادلة وفقهاء الصحابة والمكثرين منهم"، ثم إن ابن عمر رضي الله عنهما عند المسلمين في عصره كان مما يصلح للخلافة ومن أهلها، وأن الناس كانوا يطلبون منه ذلك ولكنه كان زاهداً في ذلك الأمر مخافة إراقة الدماء والانخراط في أمر الدنيا، فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد لا بأس به عن خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ ، قَالَ : قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ : لَوْ أَقَمْتَ لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ رَضُوْا بِكَ كُلُّهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ بِالْمَشْرِقِ ؟ قَالُوا : إِنْ خَالَفَ رَجُلٌ قُتِلَ ، وَمَا قَتْلُ رَجُلٍ فِي صَلاَحِ الْأُمَّةِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ لَوْ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَتْ بِقَائِمَةِ رُمْحٍ وَأَخَذْتُ بِزُجِّهٍ , فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. خالد بن سمير هو السدوسي البصري. روى له : البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. قال ابن حجر:"صدوق يهم قليلاً". وأخرج بإسناد حسن عن نَافِعٌ أَنَّهُ دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : فَسَجَدَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ : "اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ لَوْلاَ مَخَافَتُكَ لَزَاحَمْنَا قَوْمَنَا قُرَيْشًا فِي أَمْرِ هَذِهِ الدُّنْيَا". وبإسناد صحيح عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَاءِ قَال:كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ , وَهُوَ يَقُولُ : وَاضِعِينَ سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، يَقُولُونَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَعْطِ بِيَدِكَ. وأبو العالية البراء البصري ، اسمه زياد بن فيروز و قيل زياد بن أذينة و قيل كلثوم و قيل أذينة و قيل لقبه أذينة ، مولى قريش. روى له: البخاري، ومسلم، والنسائي. وقال ابن حجر:"ثقة". وهذه شهادة أسلم مولى عمر في ابن عمر رضي الله عنهما فأخرج ابن سعد بإسناد صحيح عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : كَيْفَ تَرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ لَوْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا ؟ فَقَالَ : أَسْلَمُ : مَا رَجُلٌ قَاصِدٌ لِبَابِ الْمَسْجِدِ دَاخِلٌ أَوْ خَارِجٌ بِأَقْصَدَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ لِعَمَلِ أَبِيهِ. وأخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد في "فضائل الصحابة" بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قَالَ : لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالُوا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : إِنَّكَ سَيِّدُ النَّاسِ وَابْنُ سَيِّد , فَاخْرُجْ نُبَايِعْ لَكَ النَّاسَ ، قَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ لَئِنِ اسْتَطَعْتُ لاَ يُهَرَاقُ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ ، فَقَالُوا : لَتَخْرُجَنَّ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ عَلَى فِرَاشِكَ، فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ قَوْلِهِ الأَوَّلِ ، قَالَ الْحَسَنُ : فَأَطْمَعُوهُ وَخَوَّفُوهُ , فَمَا اسْتَقْبَلُوا مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. ولذا قال ابن الأثير في "أسد الغابة":"وكان ابن عمر شديد الاحتياط والتوقي لدينه في الفتوى، وكل ما تأخذ به نفسه، حتى إنه ترك المنازعة في الخلافة مع كثرة ميل أهل الشام إليه ومحبتهم له". وقال أيضاً الذهبي في "سير أعلام النبلاء":"قلت -أي الذهبي: كاد أن تنعقد البيعة له يومئذ، مع وجود مثل الإمام علي وسعد بن أبي وقاص، ولو بويع، لما اختلف عليه اثنان، ولكن الله حماه وخار له". فماذا بعد هذه الشهادات في بيان أن ابن عمر رضي الله عنهما كان ممن علم الناس أنه يصلح لسياسة الناس وللقيادة السياسية، وإنما تركها مخافة إراقة الدماء وخوفاً على نفسه من تنافس الدنيا، فهل نترك هذا لسخافات هذا التائه الضال عدنان إبراهيم، عامله الله بما يستحق. ثم ابن عمر رضي الله عنه كان متأنياً فيما يقول ويفتي به، فأخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد حسن عن نَافِعٌ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ مَسْأَلَةٍ , فَطَأْطَأَ ابْنُ عُمَرَ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَسْأَلَتَهُ ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَمَا سَمِعْتَ مَسْأَلَتِي ؟ قَالَ:"بَلَى وَلَكِنَّكُمْ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِسَائِلِنَا عَمَّا تَسْأَلُونَنَا عَنْهُ ، اتْرُكْنَا يَرْحَمْكَ اللَّهُ حَتَّى نَتَفَهَّمَ فِي مَسْأَلَتِكَ , فَإِنْ كَانَ لَهَا جَوَابٌ عِنْدَنَا ، وَإِلاَّ أَعْلَمْنَاكَ أَنَّهُ لاَ عَلِمَ لَنَا بِه"ِ. ولذا قال ابن عبد البر في "الإستيعاب":"وكان رضي الله عنه شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتواه، وكل ما يأخذ به نفسه". فما هو بضعيف متردد يا عدنان!! ثم يحاول عدنان إبراهيم أن يخدع الناس فيظهر الثناء على ابن عمر رضي الله عنهما فيقول:"سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجل صالح صالح، ومتسنن وعابد وتقي". انظر كيف يتفضل عدنان فيصف عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بأنه رجل صالح، فنقول له لا ننتظر منك يا عدنان أن تثني على ابن عمر رضي الله عنهما وتصفه بالصلاح، فقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فأخرج البخاري وغيره، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي سَرَقَةً مِنْ حَرِيرٍ لاَ أَهْوِي بِهَا إِلَى مَكَانٍ فِي الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ بِي إِلَيْهِ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ. فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ :"إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ، أَوْ قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ". وفي رواية:"فَزَعَمَتْ حَفْصَةُ أَنَّهَا قَصَّتْهَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"إِنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ". قَالَ الزُّهْرِيُّ ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ". وقال كذلك كل من روى الحديث عن ابن عمر، فقَالَ سَالِمٌ بن عبد الله:"فَكَانَ عَبْدُ اللهِ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلا". وقال نَافِعٌ:"لَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ". أخرج كل هذه الروايات البخاري في "صحيحه". وقد بوب البخاري على هذا الحديث:"باب مَنَاقِبُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا"، وبوب الترمذي عليه في جامعه:" باب: مناقب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما"، وذكره ابن حبان في صحيحه تحت:"ذكر شهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر بالصلاح". وبوب عليه البغوي في "شرح السنة":"باب مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب أبي عبد الرحمن القرشي العدوي رضي الله عنه". وقال العيني في "عمدة القاري" معقباً على إخراج البخاري لهذا الحديث في باب مناقب ابن عمر رضي الله عنهما:"مطابقته للترجمة ظاهرة؛ لأن قول النبي إن عبد الله رجل صالح منقبة عظيمة له". وقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة":"وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصالحين". ثم نمضي في ذكر ما أتصف به ابن عمر رضي الله عنهما من فضائل الأخلاق ومحاسنه ثناء أهل عصره عليه ومعرفتهم لقدره ومنزلته، فأخرج ابن سعد في "الطبقات"، وأحمد في "فضاءل الصحابة" بإسناد صحيح عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -ابن مسعود- : إِنَّ أَمْلَكَ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسِهِ عَنِ الدُّنْيَا ابْنُ عُمَرَ. وقال ابن حجر في "الإصابة" :"وأخرج أبو سعيد بن الأعرابي بسند صحيح وهو في الغيلانيات والمحامليات عن سالم بن أبي الجعد عن جابر:"ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها غير عبد الله بن عمر". وأخر أيضاً أحمد في فضائل الصحابة وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة". وفي رواية عند أبي نعيم في "معرفة الصحابة":عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَمَرَّ بِنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَطُوفُ، فَقَالَ جَابِرٌ:"إِذَا سَرَّكُمْ أَنْ تَنْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا، وَلَمْ يُبَدِّلُوا فَانْظُرُوا إِلَيْهِ، مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا غَيَّرَ". وقال ابن حجر في "الإصابة":"وفي تاريخ أبي العباس السراج بسند حسن عن السدي رأيت نفراً من الصحابة كانوا يرون أنه ليس أحد فيهم على الحالة التي فارق عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عمر". ولذا قال أبو نعيم :"مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، وأعطي المعرفة بالآخرة، والإيثار لها حق اليقين، لم تغيره الدنيا، ولم تفتنه، كان من البكائين الخاشعين". وقال ابن حجر في "الإصابة":" وفي معجم البغوي بسند حسن عن سعيد بن المسيب لو شهدت لأحد من أهل الجنة لشهدت لابن عمر. ومن وجه صحيح، كان ابن عمر حين مات خير من بقي". ونذكر هنا أيضاً محبة الناس لابن عمر رضي الله عنهما، دون أن يكون بينه وبينهم منفعة دنيوية من إمارة أو أموال ونحو ذلك فأخرج ابن سعد في "الطبقات" بإسناد صحيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ , فَجَعَلَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى دَابَّتِهِ , فَقَالَ لِيَ ابْنُ عُمَرَ:"يَا مُجَاهِدُ إِنَّ النَّاسَ يُحِبُّونَنِي حُبًّا لَوْ كُنْتُ أُعْطِيهُمُ الذَّهَبَ وَالْوَرِقَ مَا زِدْتُ". ثم بماذا ترجموا له العلماء في كتبهم: قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة":"عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَدَوِيُّ خَالُ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ عَنِ الدُّنْيَا، أُمُّهُ وَأُمُّ أُخْتِهِ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَيْنَبُ بِنْتُ مَظْعُونِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، هَاجَرَ مَعَ أَبِيهِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ آدَمَ طُوَالًا لَهُ جُمَّةٌ مَفْرُوقَةٌ تَضْرِبُ قَرِيبًا مِنْ مَنْكِبَيْهِ، يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيُشَمِّرُ إِزَارَهُ، يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ، كَانَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّبِيلِ الْمُبِينِ، وَأُعْطِيَ الْمَعْرِفَةَ بِالْآخِرَةِ، وَالْإِيثَارَ لَهَا حَقَّ الْيَقِينِ، لَمْ تَغَيِّرْهِ الدُّنْيَا، وَلَمْ تَفْتِنْهُ، كَانَ مِنَ الْبَكَّائِينَ الْخَاشِعِينَ، وَعَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّالِحِينَ، اسْتَصْغَرَهُ عَنْ بَدْرٍ فَغَلَبَهُ الْحُزْنُ وَالْبُكَاءُ، وَأَجَازَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَذْهَلَهُ عَنِ الْأَمْنِ وَالتُّكَى، نَقْشُ خَاتَمِهِ عَبْدُ اللهِ لِلَّهِ، أَصَابَ رِجْلَهُ زُجُّ رُمْحٍ فَوَرِمَتْ رِجْلَاهُ، فَتُوُفِّيَ مِنْهَا بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَدُفِنَ بِالْمُحَصَّبِ، وَقِيلَ: بِذِي طُوًى، وَقِيلَ: بِسَرِفَ، مَاتَ وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَثَمَانِينَ". وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء":"الإمام القدوة شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن القرشي العدوي المكي، ثم المدني. أسلم وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه لم يحتلم، واستصغر يوم أحد، فأول غزواته الخندق، وهو ممن بايع تحت الشجرة، وأمه أم، أم المؤمنين حفصة: زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجمحي. روى علماً كثيراً نافعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه، وأبي بكر، وعثمان، وعلي، وبلال، وصهيب، وعامر بن ربيعة، وزيد بن ثابت، وزيد عمه، وسعد، وابن مسعود، وعثمان بن طلحة، وأسلم، وحفصة أخته، وعائشة. وغيرهم". هذا ظننا في هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه. ولكن تدني عدنان وأصر على ووصف ابن عمر رضي الله عنهما بأنه كان همه كله في النساء بشهادة والده أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، فقال:"ابن عمر يحب النساء وأستاذ فيها معروف"، ويقول أيضاً:"عنده تعلق بالنساء هو طبيعته هيك". ويقول أيضاً:"عنده طاقة جنسية جبارة"، وقال أيضاً:"هنا في مصنف عبد الرزاق وقعت له على شيء عجيب كان خريتاً وخبيراً بهذه الأشياء يعرفها ويستشار فيها معروف". ثم أخذ في سرد روايات عن ابن عمر رضي الله عنهما لكي يؤكد ذلك ثم يعلق عليها باستهزاء، وهذه الروايات التي أخرجها عبد الرزاق في "مصنفه" تحت:"باب الرجل يكشف الأمة حين يشتريها"، فذكر الأثر الأول: عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: قلت له: الرجل يشتري الأمة أينظر إلى ساقيها وقد حاضت، أو إلى بطنها؟ قال: نعم، قال عطاء: كان ابن عمر يضع يده بين ثدييها وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به. علق عدنان إبراهيم بقوله:"قلت لكم أستاذ معروف قدوة". ثم قال:"هذا الباب كله عن ابن عمر أفهم له دلالة علمية". ثم ذكر الرواية رقم (13202):"قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هزها". قال عدنان معلقاً:"ليشوف قوة تحمها وجستها كلها على بعضها أحرقوه عبد الرزاق أحرقوا المصنف لم نؤلف من دارنا". إلا أن عدنان إبراهيم كان غير أمين في نقله كعادته فعندما ذكر الأثر رقم ( 13203) ذكره هكذا عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد قال كنت مع ابن عمر في السوق فأبصر بجارية تباع فكشف عن ساقها وصك في صدرها، وقال:"اشتروا". ولم يكمل عدنان إبراهيم بقية الأثر لغرض في نفسه وهو قول مجاهد:"يُريهم أنه لا بأس بذلك". فعدنان إبراهيم وقف عند قول ابن عمر:"وقال: اشتروا"، وحذف قول مجاهد:"يريهم أنه لا بأس بذلك"؛ لأنها تعكر عليه استدلاله. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (20610): حَدَّثَنَا جَرِير ، عَنْ مَنْصُور ، عَنْ مُجَاهِد ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ أَمْشِي فِي السُّوقِ فَإِذَا نَحْنُ بِنَاسٍ مِنَ النَّخَّاسِينَ قَدَ اجْتَمَعُوا عَلَى جَارِيَةٍ يُقَلِّبُونَهَا ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَنَحَّوْا وَقَالُوا : ابْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ، فَدَنَا مِنْهَا ابْنُ عُمَرَ فَلَمَسَ شَيْئًا مِنْ جَسَدِهَا ، وَقَالَ: أَيْنَ أَصْحَابُ هَذِهِ الْجَارِيَةِ؟ فَإنَّمَا هِيَ سِلْعَةٌ. فأكدت هذه الرواية أن ابن عمر فعل ذلك ليبين للناس جواز ذلك لما رأى منهم تحرجاً، فابن عمر رضي الله عنهما صاحب علم وفتوى، وليس فعله هذا لشهوة كما هو ظاهر !! ونقول: نعم هذه الروايات التي في مصنف عبد الرزاق صحيحة عن ابن عمر رضي الله عنهما، ولم يتفرد بروايتها، فقد أخرجها أيضاً ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وأهل السنة والجماعة بحق لا يحرقون أمهات مصنفاتهم؛ إنما يفهمون ما فيها فهماً صحيحاً، ويميزون بين صحيحها وضعيفها، ولا يخفون شيئاً منها، قال الإمام وكيع بن الجراح -رحمه الله-: "أهل العلم يكتبون مالهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم". أخرجه الدارقطني في "سننه". وإنما أفتى من أفتى من العلماء بحرق كتب السحر والزندقة والملاحدة ونحو ذلك. ولكن ما دلالة هذه الآثار المروية عن ابن عمر رضي الله عنهما؟ هل تدل على ما ذهب عدنان إليه من ابن عمر كان خبراً بالنساء ونحو ذلك مما قاله؟ نقول بالتأكيد لا، لكنها تدل على أن فعل ابن عمر رضي الله عنه إنما كان لبيان جواز هذا الفعل، ولتأكيد ذلك دلهم عليه بفعله، فهو صاحب علم وفتوى، وليس فعله هذا لشهوة. نقول أن هذه الروايات التي ذكرها عدنان إبراهيم ليس فيها ما يدعيه على ابن عمر رضي الله عنهما بأنه كان خبيراً بالنساء أو (نسونجي)؛ لأن هذه الروايات متعلقة بمسألة وهي: هل يجوز لمن يريد شراء الأمة أن ينظر إلى بدنها؟ وفعل ابن عمر رضي الله عنهما متعلق بهذه المسألة، ثم إن ابن عمر رضي الله عنهما لم يتفرد بهذا الحكم فقد قال به غير واحد من التابعين ومن بعدهم، وإليك بيان ذلك: ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه باب:" الرّجل يرِيد أن يشترِي الجارِية فيمسُّها" ثم أخرج أثار عن ابن عمر رضي الله عنهما بنحو ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"، ولكنه زاد عليه ما أخرجه .مصنف ابن أبي شيبة (20613): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ سَاوَمَ بِجَارِيَةٍ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى ثَدْيَيْهَا وَصَدْرِهَا. وعبد الله بن حبيب هو ابن أبى ثابت، و اسمه قيس بن دينار الأسدي ، مولاهم الكوفي. قال المزي في "تهذيب الكمال": قال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين : ثقة . وكذلك قال أبو القاسم الطبراني. وقال النسائي : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات". روى له مسلم حديثاً، والنسائي في "خصائص على"حديثاً". وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب": وقال الدارقطني : عبد الله و عبيد الله و عبد السلام بنو حبيب بن أبى ثابت، وكلهم ثقات. وقال ابن خلفون : وثقه ابن نمير". ولذا قال ابن حجر في "التقريب":"ثقة". وأبو جعفر هو محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي المدني، أبو جعفر الباقر. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجه. قال ابن حجر في "التقريب":"ثقة". وقد ذكر المزي في ترجمة عبد الله بن حبيب أنه روى عن: أبى جعفر محمد بن على بن الحسين. وهذا إسناد صحيح وأبو جعفر الباقر من أهل البيت، فماذا سيصنع عدنان إبراهيم؟! فالباقر رحمه الله ورضي عنه فعل مثل فعل ابن عمر رضي الله عنهما، فهل الباقر كان خبيراً بالنساء؟! وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (20615): حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:"كَانَ مُحَمَّدٌ إذَا بُعِثَ إلَيْهِ بِالْجَارِيَةِ يَنْظُرُ إلَيْهَا كَشَفَ بَيْنَ سَاقَيْهَا وَذِرَاعَيْهَا". وأزهر السمان هو أزهر بن سعد السمان ، أبو بكر الباهلي مولاهم البصري روى له: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي. قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة". وقال الذهبي في "الكاشف":"حجة". وابن عون هو عبد الله بن عون بن أرطبان المزني ، أبو عون البصري روى له : البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة ثبت فاضل من أقران أيوب في العلم و العمل و السن. وقال الذهبي في "الكاشف":"أحد الأعلام، قال هشام بن حسان : لم تر عيناي مثله. و قال الأوزاعي : إذا مات ابن عون وسفيان استوى الناس". قال المزي في "تهذيب الكمال: روى عن: محمد بن سيرين. وروى عنه: أزهر بن سعد السمان. فتبين أن محمداً المذكور في الإسناد هو التابعي محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك رضي الله عنه قال ابن حجر في "التقريب": "ثقة ثبت كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى". وقال الذهبي في "الكاشف":"ثقة حجة، أحد الأعلام، كبير العلم". فهذا إسناد غاية في الصحة، فماذا سيصنع عدنان إبراهيم؟! فابن سيرين رحمه الله فعل مثل فعل ابن عمر رضي الله عنهما، فهل ابن سيرين كان خبيراً بالنساء؟! كما أن عدنان إبراهيم لم يذكر أن عبد الرزاق في "مصنفه" بعد أن روى ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، ذكر رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بنحو ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، ففي "مصنف عبد الرزاق" (7/287) رقم (13208): عن ابن جريج قال أكل في ... أصدق [ وقع سقط في المطبوعة، ولذا قال الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تحقيقه على المصنف: هنا كلمة غير مستبينة وما قبلها كما أثبت، والصواب عندي "قال: أخبرني من أصدق] عمن سمع علياً يسأل عن الأمة تباع أَينظر إلى ساقها وعجزها وإلى بطنها؟ قال: لا بأس بذلك لا حرمة لها إنما وقفت لنساومها. ولكن عدنان كتمه ولم يذكره، وإن كان في إسناده سقط كما أشار الأعظمي، وفيه أيضاً عنعنة ابن جريج، وراو مبهم وهو قوله:"عمن سمع علياً"، ولكن كان على عدنان إبراهيم من الأمانة العلمية أن يذكر ذلك ثم يبين ضعف الإسناد عن علي رضي الله عنه، ولكنه أراد أن يظهر ابن عمر بأنه متفرد بهذا الصنيع، حتى يظهره بهذا المظهر!! وقال الباجي المالكي في "المنتقى شرح الموطأ":(مَسْأَلَةٌ): وَأَمَّا الرَّجُلُ يُرِيدُ شِرَاءَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِهَا وَيَدَيْهَا، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى بَدَنِهَا؟ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سَاقَيْهَا وَعَجُزِهَا وَبَطْنِهَا، وَقَالَ: لَا حُرْمَةَ لَهَا، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ يَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِهَا إِلَّا الْفَرْجَ ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ". وقال ابن مفلح الحنبلي في "الفروع":"وَيَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ رَأْسًا وَسَاقًا، وَعَنْهُ -الإمام أحمد-: سِوَى عَوْرَةِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ : كَمَخْطُوبَةٍ ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ ، مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا. قَالَ الْقَاضِي: جَازَ تَقْلِيبُ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ بِمَعْنَى لَمْسِهِ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ ، وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهَا".وهو عند البيهقي في " السنن الكبرى" (5/329) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً كَشَفَ عَنْ سَاقِهَا، وَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا". وَكَأَنَّهُ كَانَ يَضَعُهَا عَلَيْهَا مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ. قال الألباني في "إرواء الغليل":"والسند صحيح". وفي "شرح منتهى الإرادات": (وَرَأْسٍ وَسَاقٍ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ) أَيْ مُعَرَّضَةٍ لِلْبَيْعِ يُرِيدُ شِرَاءَهَا كَمَا لَوْ أَرَادَ خِطْبَتَهَا بَلْ الْمُسْتَامَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُرَادُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَغَيْرِهِ نَقَلَ حَنْبَلٌ ، لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لَهَا. وَرَوَى أَبُو حَفْصَة أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقَيْهَا". وقال ابن ضويان في "منار السبيل":"وكذا أمة مستامة، لما روى أبو حفص بإسناده: أن ابن عمر كان يضع يده بين ثدييها، وعلى عجزها من فوق الثياب، ويكشف عن ساقها ذكره في الفروع". قصدنا هو بيان أن من العلماء من قال بنحو قول ابن عمر رضي الله عنهما، فنقول لعدنان إبراهيم فهل كل هؤلاء العلماء الذين وافقوا ابن عمر رضي الله عنهما كانوا خبراء بالنساء؟!، ولكن لا يستبعد على عدنان إبراهيم أن يقول: نعم كانوا خبراء!! ونحن ليس بصدد بحث هذه المسألة، ولكن هدفنا هو ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة من أقوال لهم أيضاً ما في مصنف ابن أبي شيبة (20614):حَدَّثَنَا ابْنُ مُبَارَكٍ ، عَنِ الأَوْزَاعِي ، قَالَ : سَمِعْتُ عَطَاءً وَسُئِلَ عَنِ الْجَوَارِي اللاَتِي تُبَعْنَ بِمَكَّةَ , فَكَرِهَ النَّظَرَ إلَيْهِنَّ إلاَّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ. وهذا إسناد صحيح. ونقل عن أبي موسى التشديد في ذلك فأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (20617)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/411) من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ حَكِيمٍ الأَثْرَمِ ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ خَطَبَهُمْ فَقَالَ:"لاَ أَعْلَمُ رَجُلاً اشْتَرَى جَارِيَةً فَنَظَرَ إلَى مَا دُونَ الْحَاوِيَة وَإِلَى مَا فَوْقَ الرُّكْبَةِ إلاَّ عَاقَبْته". ولفط الطحاوي:"لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا نَظَرَ مِنْ جَارِيَةٍ إلَّا إلَى مَا فَوْقَ سُرَّتِهَا وَأَسْفَلَ مِنْ رُكْبَتَيْهَا لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ إلَّا عَاقَبْتُهُ". وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير حكيم الأثرم فقال النسائي:"ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الآجري عن أبى داود:"ثقة". وقال ابن أبى شيبة: سألت عنه ابن المديني فقال:"ثقة عندنا". وفي "التقريب":"فيه لين". فهل بعد هذا العرض لأقوال أهل العلم يبقى لعدنان إبراهيم متعلق فيما ذهب إليه!! ثم يمضي عدنان إبراهيم في مشواره الذي يريد به إثبات أن ابن عمر رضي الله عنه كان خبيراً بالنساء، فيذكر قول ابن عمر:"لقد أعطيت من الجماع شيئاً ما أعلم أحداً أعطيه إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم". ويعلق عدنا بقوله:"كان عنده طاقة في هذا الشيء شيء فظيع مش طبيعي رجل جبار في هذا الشيء الله يهنيه، واضح أنه متميز هذا أيش نعمل له نعمة من الله الذي أنعم عليه". نقول لعدنان إبراهيم: ماذا لو أعطى الرجل قوة في الجماع؟! هل معنى هذا أنه لا يصلح إلا لذلك؟، أو ينبغي أن يعير بذلك ويشنع عليه؟! ويكون ذلك سبباً في أن يقال: إنه لا يصلح إلا لذلك؛ والجواب: لا ينبغي ذلك؛ لأنه من الممكن أن يجمع الرجل بين قوة الجماع، وغيره من الأمور كالحزم والأناة، والثبات، وقوة الجأش ونحو ذلك!! سبحانك هذا بهتان عظيم. ثم انظر إلى علماء الأمة ماذا قالوا عن قوة ابن عمر في الجماع، عدوا ذلك من كمالاته، فقال أبو نعيم في "معرفة الصحابة":"أُعْطِيَ الْقُوَّةَ فِي الْعِبَادَةِ، وَفِي الْبِضَاعِ". ثم إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد أعطي قوة ثلاثين رجلاً في الجماع، كما قال أنس رضي الله عنه:" كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلاَثِينَ". قال ابن حجر في "فتح الباري":"في هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من القوة على الجماع وهو دليل على كمال البنية وصحة الذكورية". ومع ذلك لم يكن هذا الأمر يتعارض مع مهام النبوة وبقية شئونه. ولكنها الأهواء!! ثم يذكر عدنان إبراهيم ما أخرجه الطبراني وغيره عن محمد بن سيرين قال:"ربما أفطر ابن عمر على الجماع". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"إسناده حسن". وقال العيني في "عمدة القاري":"وإسناده حسن". علق عدنان إبراهيم بقوله:"يفطر على امرأته هناه الله مش قادر يتحمل عنده طاقة جبارة رضوان الله عليه". نقول لعدنان إن العلماء يستدلون بفعل ابن عمر هذا على جواز أن يفطر الرجل على جماع زوجته، فلا مانع من أن يطأ الرجل الصائم زوجته بعد غروب الشمس قبل أن يأكل أو يشرب شيئاً، وصومه صحيح ولا يلزمه شيء؛ لأنه بمجرد غروب الشمس فقد حل للصائم ما كان محرماً عليه من الأكل والشرب والوطء، فله أن يفعل من ذلك ما يشاء. قال العيني في "عمدة القاري":"وروينا عن ابن عمر أنه كان ربما أفطر على الجماع رواه الطبراني من رواية محمد ابن سيرين عنه وإسناده حسن، وذلك يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون ذلك لغلبة الشهوة وإن كان الصوم يكسر الشهوة. والثاني: أن يكون لتحقق الحل من أهله، وربما يتردد في بعض المأكولات". ولعل ابن عمر رضي الله عنهما فعل ذلك لبيان عدم التحرج من هذا الفعل. ثم يمضي عدنان إبراهيم في محاولة فجة ليثبت أن ابن عمر كان همه النساء، وذلك بذكر أن عمر رضي الله عنه كان يخاف على ابنه عبد الله من الوقوع في الزنا، قد يقال: إنك تبالغ في ذلك إن عدنان إبراهيم لم يقصد ذلك، وحتى نقطع هذا كله نذكر كلام عدنان إبراهيم في ذلك فقال ما نصه:"في مناقب عمر لابن الجوزي في صفحة (150) عن ابن عمر قال استأذنت عمر في الجهاد، فقال: أي بني إني أخاف عليك الزنى –قال عدنان معلقاً: يعرف إنه عنده طاقة جبارة، جبارة ممكن لا يتحمل وبعدين يأخذ له جارية!!- فقلت: أو على مثلي تتخوف ذلك؟ قال: تلقون العدو فيمنحكم الله أكنافهم فتقتلون المقاتلة وتسبون الذرية وتجمعون المتاع فتقام جارية في المغنم فينادى عليها فتسوم بها فينكل الناس عنك ويقولون: ابن أمير المؤمنين ولله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فيها حق فتقع عليها فإذا أنت زان، أجلس". قال عدنان:"في سؤال هنا كان يقول لأبيه نبهتني لم أفعل هذا، لا أبوه يعرف أنه ربما لا يستطيع أن يقاوم عنده طاقة جنسية جبارة". نقول لعدنان إبراهيم: أولاً: أن هذه الرواية التي ذكرتها من كتاب ابن الجوزي لا إسناد لها، فلا حجة فيها. ثانياً: أنه على فرض صحتها لا دلالة فيها على ما ادعاه عدنان إبراهيم من أن عمر رضي الله عنه كان يعرف عدم قدرة أبنه عبد الله رضي الله عنه على تحمل أمر النساء، فكل ما في هذه القصة، شدة ورع عمر رضي الله عنه وخوفه من مجاملة الناس لأبنه في أمر الجواري فخشي عليه أن يقع على جارية لا تحل له، فهذا الأمر الذي خاف منه عمر رضي الله عنه أن يقع من الناس قد يخفى على لابن عمر رضي الله عنهما ولا يظهر، ولهذا لا حاجة لابن عمر رضي الله عنهما لمراجعة أبيه في هذا الأمر، بل كان عليه طاعة أمير المؤمنين في ذلك. وقد ذكرها ابن الجوزي في "سير عمر بن الخطاب رضي الله عنه" تحت:"الباب التاسع والأربعون: في ذكر ورعه". ثالثاً: أن ابن عمر رضي الله عنهما شهد معركة اليرموك وفي "أسد الغابة" :"وكانت اليرموك بالشام لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر". فهذا مما يدل على وهاء هذه القصة، ثم إن ابن عمر من المجاهدين في سبيل الله وقد شهد المعارك الكثيرة مع المسلمين قال ابن عساكر في "تاريخ دمشق":"شهد مع رسول الله الخندق وما بعدها من المشاهد، وشهد غزوة مؤتة مع زيد وجعفر، وشهد يوم اليرموك". وقال ابن عبد البر في "الإستيعاب":"وكان لا يتخلف عن السرايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء":"قدم الشام والعراق والبصرة وفارس غازياً". رابعاً: إذا نظرنا إلى هذه قول عدنان إبراهيم تعليقاً على قول عمر رضي الله عنه:"أي بني إني أخاف عليك الزنى". قال عدنان:"يعرف إنه عنده طاقة جبارة، جبارة ممكن لا يتحمل وبعدين يأخذ له جارية". أهكذا يا عدنان يأخذ ابن عمر رضي الله عنهما جارية لا تحل له، أهكذا يتهم ابن عمر رضي الله عنهما بالفاحشة!! هذا الذي يتبادر من قولك هذا يا عدنان!! وإذا نظرنا أيضاً إلى قول عدنان:"في سؤال هنا كان يقول لأبيه نبهتني لم أفعل هذا، لا، أبوه يعرف أنه ربما لا يستطيع أن يقاوم عنده طاقة جنسية جبارة". ما هذا يا عدنان! تريد أن تفهمنا أن عمر رضي الله عنه خاف على ابن عمر رضي الله عنهما الزنى لأنه يعلم عدم قدرة أبنه على أن لا يملك نفسه عن الحرام!! ما هذا التردي في الفهم والمعتقد!! وأزيد هنا أن ابن عمر رضي الله عنهما مع ما يتمتع به من قوة الجماع كان عازفاً عن الزواج مما يدل على قدرة على صيانة نفسه، وأن أمر النساء في حياته ليس كما صوره عدنان إبراهيم للناس، فأخرجه الشافعي في "المسند" وابن سعد في "الطبقات الكبرى"، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : أَرَادَ ابْنُ عُمَرَ أَلاَّ يَتَزَوَّجَ , فَقَالَتْ لَهُ حَفْصَةُ : تَزَوَّجْ , فَإِنْ مَاتُوا أُجِرْتَ فِيهِمْ , وَإِنْ بَقُوا دَعَوُا اللَّهَ لَكَ. وهذا إسناد صحيح. ثم ذكر عدنان إبراهيم قصة الجارية مع ابن عمر رضي الله عنهما، فما هي قصة الجارية؟ فقد أخرج ابن سعد في الطبقات وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" عن مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ, فَلَمَّا اشْتَدَّ عُجْبُهُ بِهَا أَعْتَقَهَا , وَزَوَّجَهَا مَوْلًى لَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ : هُوَ نَافِعٌ ، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا, قَالَ نَافِعٌ : فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الصَّبِيَّ فَيُقَبِّلُهُ ، ثُمَّ يَقُولُ : وَاهاً لِرِيحِ فُلاَنَةَ يَعْنِي الْجَارِيَةَ الَّتِي أَعْتَقَ. ماذا قال عدنان إبراهيم عن هذه القصة وماذا أخذ منها؟ قال عدنان إبراهيم:"مش كان عنده جارية وكان يحبها كثيراً، وبعدين نزل عنها؛ لأنه ما شاء الله إنسان تقي، ابن عمر تقي جداً كان يحب أن ينفق أحسن مما عنده، شعاره آية: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} وأكثر شيء يحبه هذه الجارية حب لذيذ جميل، أنت حرة لوجه الله، خذها يا نافع، خذها نافع مولاه أخدها نكحها خلف ولد كان دائماً يحن لها ابن عمر فإذا أخذ ابنها ضمه يقول: واهاً لريح فلانة آه، عنده تعلق بالنساء هو طبعته هيك واهاً لريح فلانة هذه قصة مشهورة عنه". انظروا: عدنان إبراهيم يصور ابن عمر رضي الله عنهما أنه عاشق ولهان، لا يستطيع التخلص من حبه القديم، ويفسر أن قول ابن عمر رضي الله عنهما "واهاً لريح فلانة"، كان بسبب أنه يحن إلى هذه الجارية!! والجواب عن هذا: أن هذا الأثر إسناده حسن، وأن :"وَاهًا": كلمة توضع موضع الإعجاب بالشيء، فهي كلمة تعجب من طيب كل شي. كما في "المعجم الوسيط"، قال الجوهري:"إذا تعجبت من طيب شيء، قلت: واهاً له ما أَطيبه". ولعل المعنى الذي أراده ابن عمر رضي الله عنهما هو أنه لما رأى الغلام ابن الجارية، أعجبه فوقع في نفسه أنه حقاً ابن هذه الجارية، لما يعرفه عنها، وليس هو لهفة على الجارية لتعلقه بالنساء كما صور عدنان، فليس في صنيع ابن عمر رضي الله عنهما ما ينتقص به منه. هذا حسن ظننا بابن عمر رضي الله عنهما وليس فيه إدعاء عصمة له، ولا هو فيه تكلف في فهم المراد من قوله. والله أعلم. وفي نهاية المحاضرة أراد عدنان إبراهيم أن يضفي على ما قاله صفة العلم والتحقيق فقال:"لا أتكلم عن عبط عن جهل أنا أكون صورة علمية ليش ابن عمر يحب النساء، العيب أنك لا تفهم ما فهمه أبوه الفاروق وتقل بالساهل يصير خليفة ما ينفعش لا يصلح للخلافة مش علشان موضوع النساء وأنه يحب النساء كثير كده لا، لا طبيعة الشخصية". والحقيقة بعد ما أتينا على شبه عدنان الواحدة تلو الأخرى تبين أن عدنان إبراهيم يتكلم عن عمد للوقيعة في عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ولا يمنع أن يكون في كلامه عبط وجهل. فعدنان إبراهيم أراد بهذا كله طعن مبطن في الصحابة رضي الله عنهم، لكي يقول لا تفرحوا بهم ، هكذا كانت همومهم!! فهذا ابن عمر رضي الله عنه كان كل همه النساء، لا غير! عاملك الله بما تستحق يا عدنان. | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
--
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية.
يمكن مراسلة د. عبد العزيز قاسم على البريد الإلكتروني
azizkasem1400@gmail.com
(الردود على رسائل المجموعة قد لا تصل)
للاشتراك في هذه المجموعة، أرسل رسالة إلكترونية إلى العنوان التالي ثم قم بالرد على رسالة التأكيد
azizkasem2+subscribe@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك أرسل رسالة إلكترونية إلى العنوان التالي ثم قم بالرد على رسالة التأكيد
azizkasem2+unsubscribe@googlegroups.com
لزيارة أرشيف هذه المجموعة إذهب إلى
https://groups.google.com/group/azizkasem2/topics?hl=ar
لزيارة أرشيف المجموعة الأولى إذهب إلى
http://groups.google.com/group/azizkasem/topics?hl=ar
--
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية.
يمكن مراسلة د. عبد العزيز قاسم على البريد الإلكتروني
azizkasem1400@gmail.com
(الردود على رسائل المجموعة قد لا تصل)
للاشتراك في هذه المجموعة، أرسل رسالة إلكترونية إلى العنوان التالي ثم قم بالرد على رسالة التأكيد
azizkasem2+subscribe@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك أرسل رسالة إلكترونية إلى العنوان التالي ثم قم بالرد على رسالة التأكيد
azizkasem2+unsubscribe@googlegroups.com
لزيارة أرشيف هذه المجموعة إذهب إلى
https://groups.google.com/group/azizkasem2/topics?hl=ar
لزيارة أرشيف المجموعة الأولى إذهب إلى
http://groups.google.com/group/azizkasem/topics?hl=ar
---
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في المجموعة "مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية (2)" من مجموعات Google.
لإلغاء اشتراكك في هذه المجموعة وإيقاف تلقي رسائل إلكترونية منها، أرسِل رسالة إلكترونية إلى azizkasem2+unsubscribe@googlegroups.com.
للمزيد من الخيارات، انتقل إلى https://groups.google.com/groups/opt_out.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق