| 1 |
سيناريوهات حل الأزمة السورية :
خمسة أسباب لتردد واشنطن في الإسراع بتقويض النظام السوري سام منسّى |
|
هل للولايات المتحدة رؤية أو سياسة محددة تجاه الحرب الدائرة في سورية؟ سؤال يبدو أن الكثيرين منشغلون في محاولة الإجابة عنه وتفسير أسباب ما بات يعرف بالإحجام الأميركي عن التورط في هذا الملف.
هذه الحيرة مشروعة، لا سيما إذا كنا نتحدث عن أزمة، قد تختصر إشكالية منطقة المشرق ومحيطها القريب.
ومن نافل القول إن هذه المنطقة ستظل تحظى بموقع ومكانة لا يمكن التفريط بهما، خصوصاً إذا نظرنا إليها من زاوية المصلحة الأميركية.
وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي جعل واشنطن تبدو بهذا الموقف من عدم اليقين، سواء كنا نتحدث عن مركز القرار فيها أو عند حلفائها؟
إحجام إدارة الرئيس باراك أوباما عمّا يوصف بأخذ المبادرة والفعل، ليس جديداً أو فريداً في تاريخ السياسة الأميركية الخارجية. لطالما عايشت الولايات المتحدة رؤساء ديموقراطيين فضلوا الانكفاء في السياسة الخارجية لمصلحة القضايا الداخلية.
كانت هذه حال الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، الذي بقي ملتزماً سياسة الحياد وعدم التدخل قبيل بدء الحرب العالمية الثانية وبعدها، على رغم عشرات التظاهرات ومئات الدعوات التي طالبته بالتدخل من أجل حماية اليهود الذين كانوا يتعرضون لمجازر النظام النازي. إذاً، حتى اليهود لم ينجحوا في إجبار الرئيس الديموقراطي حينها على التزحزح، حتى تعرضت «بيرل هاربور» لهجوم اليابان الصاعق. فهل يحتاج أوباما إلى بيرل هاربور جديدة ليخرج من صومعته؟
لا الزمان ولا المكان ولا الظروف أو المعطيات تشي بهذا النوع من التخمينات، أضف إلى ذلك أن أوباما الذي يتحدّر ثقافياً وأيديولوجياً من مدرسة لا عنفية يسارية بالمعنى الواسع للكلمة، يكرر على الدوام أنه لن ينهي عهده بالتورط في ما وعد بإنهائه حين رشح نفسه للرئاسة الأميركية.
إذاً، لا تورط أميركياً جديداً في حرب أخرى، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
ولم يعد خافياً أن أوباما وقف في مواجهة أركان إدارته، لا سيما في نهاية ولايته الأولى، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومدير الـ «سي آي أي» ديفيد بترايوس ووزير دفاعه ليون بانيتا ورئيس هيئة أركان الجيوش الاميركية مارتن دمبسي وغيرهم، على ما نشر، طالبوه بتقديم الدعم والمساعدة للمعارضة السورية. وأصر أوباما على التمسك بسياسة «رفع اليد» أو «الاستقالة» إذا ما أعطيناها صفة أكثر راديكالية، وهذه ليست بالضرورة «لا سياسة» بل تهدف الى عدم توريط أميركا بنزاعات جديدة في حين تسعى إلى إنهاء حروبها السابقة.
يقترح بعضهم قراءة السياسة الأميركية، لا سيما تجاه سورية، عبر العودة إلى مراحل سابقة لمحاولة تفسيرها.
هناك من يتهم أميركا وعن وجه حق بأنها رعت النظام السوري وحافظت على تواصلها معه قبل وخلال وبعد اندلاع الحرب اللبنانية عام 1975 وحتى عام 1990. لم يكن قد مضى على استيلاء نظام الأسد الأب على الحكم في سورية أكثر من أربع سنوات ونيف حين دخلت قواته لبنان، لوقف ما اعتبر في تلك المرحلة تقسيم لبنان وصهينته وللحفاظ على بنية الدولة ووضع حد لفلتان الثورة الفلسطينية فيه.
ولم تكن حينها المباركة الإسرائيلية والأميركية للجيش السوري ولدوره في لبنان خافية على أحد، على رغم كل الانتهاكات والفظاعات التي ارتكبها بحق الجماعات اللبنانية، بدءاً بالحرب على السنّة والفلسطينيين على السواء عام 1975 وبحرب صيدا عام 1976 أو بحرب طرابلس في الثمانينات مروراً بالتصفيات في جبل لبنان إلى مجزرة ثكنة «فتح الله» ضد مقاتلي «حزب الله» في الخندق الغميق إلى حرب زحلة والأشرفية وحرب الإلغاء والتحرير وغيرها.
لكن، ما لا يمكن تفسيره حتى الساعة، هو التغاضي الأميركي عن الدور السوري في السماح للإيرانيين بالتمدد نحو منطقة البحر المتوسط وتمكين حزب الله في لبنان منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، إضافة إلى تمكين وتسهيل دور القوى المشتركة الإيرانية - السورية في خطف الأجانب وقتل السفراء في لبنان في الثمانينات والتفجيرات التي حصلت ضد السفارة الأميركية في بيروت كما ضد مواقع المارينز والقوة الفرنسية، وصولاً إلى الدور السوري في إجهاض اتفاق 17 أيار (مايو) بعدما ربطت إسرائيل انسحابها بانسحاب سورية، ما أدى إلى تعطيل الاتفاق وعودة الهيمنة السورية على لبنان.
ولعل حرب العراق إحدى أبرز المحطات السياسية التي لا بد من التوقف عندها لقراءة تطورات الموقف الأميركي من النظام السوري بعامة ودوره في تلك الحرب، خصوصاً بعد تبخر مفاعيل تحذيرات وزير الخارجية كولن باول خلال لقائه الرئيس بشار الأسد في دمشق عام 2003.
نجحت سورية مع شركائها وحلفائها وحتى بعض الأنظمة العربية المتواطئة معها في تلك المرحلة، في صد ما وصفته بـ «الهجمة الأميركية» التي كان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش يقودها في المنطقة، وسمحت بمرور المسلحين والأسلحة إلى طرفي النزاع، السنّة والشيعة، مقوضة كل الفرص لقيام دولة ديموقراطية في العراق ولإحلال الأمن والسلام على أرضه.
وها هي تداعيات الحرب السورية تتمدد نحو العراق، علماً أن هذا البلد هو «نظرياً» حليف واشنطن، فيما يلعب عملياً دوراً ليس فقط سلبياً بل مشاركاً في سياسات الأسد نفسها بعد أن تمكنت طهران من القبض عليه أيضاً.
وحتى الأمس القريب، كان نظام الأسد أحد أبرز المسؤولين عن عرقلة جهود تسوية القضية الفلسطينية وتخريب الوحدة بين الفلسطينيين أنفسهم. ليس فقط بين حركتي فتح وحماس، كما هي الحال الآن، بل أيضاً على مستوى تاريخ علاقة الفصائل الفلسطينية ببعضها منذ بداية السبعينات وحتى الأمس القريب، وصولاً إلى محاولة تقويض السلطة الفلسطينية ورعاية ما كان يعرف بحلف «الممانعة» الذي تقوده إيران عبر وكلائها.
إذا كانت هذه السلبيات غير كافية لإعادة النظر في الموقف من النظام السوري، فما هي العوامل الوازنة التي أبقت واشنطن في حال من التردد تجاه حسم تعاملها مع مستقبل هذا النظام؟
هناك من يقول إن واشنطن تخشى هي والغرب سقوط نظام الأسد بسبب عدم توافر البديل. وهذه كانت حال فرنسا أيضاً خلال حكم الرئيس فاليري جيسكار ديستان في السبعينات وبعده الرئيس جاك شيراك وصولاً إلى الرئيس نيكولا ساركوزي الذي كان أول من استقبل الرئيس بشار الأسد بعد «فك» طوق العزلة عنه قبيل تعيين السفير الأميركي الجديد روبرت فورد في دمشق.
هناك عوامل عدة ينبغي العودة إليها لقراءة أسباب التردد الأميركي:
أولاً: واشنطن متفقة مع إسرائيل في معظم مواقفها في المنطقة. تل أبيب ترى أن سقوط الأسد قبل توافر البدائل الموثوقة قد تكون له تداعيات سلبية عليها. وهنا، لا بد من التساؤل عما إذا كان دور النظام السوري خلال الأربعين سنة الماضية إيجابياً أم سلبياً تجاه إسرائيل التي يتبين اليوم أن سياستها في الإبقاء على اشتباك محدود مع طرف يمكن احتواؤه أفضل من سلام مع طرف لا قدرة على التحكم في خياراته بعد.
ثانياً: هناك نظرية تقول إن الحرب في سورية تستنزف إيران وحلفاءها وميليشياتها الشيعية اللبنانية والعراقية وكذلك الأطراف الأصولية السنّية الأخرى بعدما تحولت سورية إلى ساحة حرب، ما يؤدي إلى إضعافهم جميعاً.
ثالثاً: هناك من يرى رغبة أميركا في القضاء، خلال هذه الحرب، على الجيش السوري بعامة وما لديه من صواريخ وأسلحة استراتيجية وكيماوية. ويذكّر البعض بأن الجيش العراقي لم تقم له قائمة حتى اليوم كجيش استراتيجي، فضلاً عن أنه لم يتمكن من بناء سلاحه الجوي أيضاً.
رابعاً: محاولة تحييد إيران وإشغالها في حرب تستنزفها لسنوات، بما يعطل دورها، سواء في تهديد جيرانها الخليجيين أو حتى مجرد التفكير في التأثير في أسعار النفط العالمية عبر التهديد بإغلاق الممرات المائية مثلاً... ناهيك عن إشغالها في ملف يمنعها من التفرغ لبرنامجها النووي.
خامساً: انتظار وضوح النتائج السياسية والاقتصادية والأمنية لما بات يعرف بالربيع العربي الذي طاول ليبيا وتونس ومصر لا سيما تجربة «الإخوان المسلمين» في مصر التي لا تزال تداعياتها الإقليمية غير واضحة، ذلك أن حال الحذر والإحباط التي أصابت الرأي العام العربي والدولي مما آلت إليه تلك الثورات، فرضت مراجعة عوامل الربح والخسارة، فضلاً عن التدقيق في هوية «الوافدين» الجدد إلى الحكم ونوع التحالفات والعداوات التي بدأت في التشكل في طول المنطقة العربية وعرضها ومحيطها.
لقد بدا أن النظام السوري كان يؤمن مصالح قوى عدة ومختلفة، ما أدى إلى كل هذا الارتباك عندما بدأ يتهاوى، بل جرى غض النظر في شكل مريب الى حد التجاهل عن المجازر التي يرتكبها النظام منذ أكثر من سنتين، على رغم استعماله سلاح الطيران والصواريخ الباليستية وحتى استخدامه ولو استخداماً محدوداً السلاح الكيماوي الذي قد يكون على سبيل اختبار ردود الفعل ليبني على الشيء مقتضاه.
ولا بد في هذا السياق من التذكير بما قال «مصدر أمني كبير» لصحيفة تايمز البريطانية: «إن مصلحة إسرائيل هي في بقاء نظام بشار الأسد (باعتبار أن الشيطان الذي نعرفه أفضل من الأشباح التي لا نعرفها) وأن وجود نظام ضعيف ومستقر أفضل من نظام قوي وغير مستقر». كما، وحتى الساعة وعلى وقع تسليم روسيا صواريخ متطورة إلى سورية، تبقى هموم إسرائيل أن لا تتسرب الصواريخ إلى «حزب الله» وليس وجودها بحوزة النظام الذي يحمي «حزب الله» ويرعاه. عجيب أمر هذه السياسة الإسرائيلية!
إذا كانت تلك هي أسباب تردد الإدارة الأميركية، فمن الصعب تصور خروجها عن ثوابت لن تسمح لها بالمساومة على بقاء الأسد أو إعادة تعويمه.
وما جرى خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً مع تجدد الدور الإسرائيلي في الأزمة السورية، ولو من باب مصالح تل أبيب، يشي بأن أمراً أميركياً يجرى تنفيذه تباعاً، لفرض إعادة حسابات على أكثر من طرف، وبأن الأسد أصبح خارج المعادلة.
http://ar.qantara.de/خمسة-أسباب-لتردد-واشنطن-في-الإسراع-بتقويض-النظام-السوري/21132c23554i0p/index.html | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| 2 |
الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي .. رؤية مستقبلية وتقييمية |
|
* عند الاحتجاج يوجد الشعب:الحقيقة السياسية الغائبة في مجتمعات الخضوع هي: أن وجود الشعب إنما يولد بميلاد الاحتجاج، ويوجد فعلا بعد أن يصبح مشاركا في نتائج عمل ما مستمر، وهو ــ غالبا ــ المجتمع الذي تصنعه الثورة بعد انتصارها. أما ما قبل ذلك فهو كيان عظيم؛ عبارة عن جسم بلا عقل ولا وعي، جسم غامض، وعاجز، وسهل التوجيه وخطر، وغنيمة باردة عظيمة لمن يسوقه؛ فقبل أن تقول الشعوب: لا ونعم لأي شي، فلا قيمة لها، ولا قيمة لها يوم تساق بالخدعة والنفاق والتزلف والإرهاب، فهي غائبة في تلك الأحوال، وهي مجرد أعداد لا أهمية لها، فهي بلا حرية ولا مشاركة ولا مبادرة؛ فلا توقف ظالما ولا تنصر مظلوما ولا تكافئ مصلحا ولا تعاقب مفسدا، وهي سلبية بلا طموحات، ولا رغبات عليا، والخلاصة: إنها موجودة غائبة. وكان الطغاة والمحتالون يعاملون هذه الشعوب بالخداع، ويستعملون الأذكياء لكتابة الوصفات التي تحافظ عليه بدنا بلا وعي تابعا مخلصا لحاكمه، فكتب الثقافة السلطانية العربية والإسلامية ثم الميكافيلية غنية بوصفات الإخضاع، وكانوا يرون من يقوم بإرشاد المستبدين لسياستها طبقة خاصة تسهم في السياسة بما يشبه الكهانة. هذه الجماهير يوم تهب لتتحرر ولتشارك في صناعة حياتها، فإن قلة منها تغير وجه البشرية، كانوا قد قالوا: 99% صوتوا لمبارك ولكن أقل من 1% غيروا مصير 99%، لقد كان الرقم المعلن كاذبا، وهبْه كان صحيحا، وأن 99% صوتوا بنعم وكانوا خائفين؛ فهم أقرب للعدم منهم للوجود. فالقيمة الصحيحة إنما تكون حيث الاختيار، في تركيا صوت 49% لحزب العدالة وكان يرى ذاك انتصارا عظيما أنه صوّت له أقل من نصف الشعب من الأحرار ذوي القرار، وإن كان أكثر من النصف لم يؤيدوه، ولكن الجميع يخرج واثقا محترما للحزب الفائز بأقل من النصف من الناخبين، والعالم يحترم هذه النتائج الاختيارية ويعظم دورها. وقد تبين أن جميع الشعب إن قال مستبد إنه معه فقد يكون هذا أكبر دليل على كذب المؤشر، فإجماع المرتشين أو الخائفين من السجن أو السوط أو الموت لا قيمة له فإن تلك الجموع إنما ذهبت للترشيح أجسادا ميتة بلا قناعة، ولذا لا قيمة لأصواتها المقهورة. * لماذا تحصل الاحتجاجات؟أحد الكتب التي تتحدث عن قضية خروج الناس للاحتجاج على أنها أمر غير طبيعي وغير مفهوم؛ لأن المظالم قد توجد عنيفة جدا ومع ذلك لا يتحرك هذا الإنسان، وقد تتضح الأسباب وتحصل الظروف ومع ذلك لا يحصل احتجاج، وقد تحدث أسباب بسيطة جدا وتنتج حركات كبيرة بناء على هذه المقدمات اليسيرة. جاء في مقدمة الكتاب: "لزمن طويل ساور علماء الاحتجاجات الشكوك حول مدى استيعاب عقول الناس للأفكار الجادة، ونظرا لأن المظالم كانت دائما حاضرة لم يستطع العلماء تفسير تصاعد أو تراجع الحركات الاجتماعية"2. الاحتجاج الشعبي يركب من كلمتين: احتجاج وشعبي، فأما الاحتجاج الفردي هو بضاعة الإنسان المضطهد اليومية، ممن لا يجدون وسيلة لتحقيق ضروراتهم، أو حاجاتهم، أو حتى كماليات حياتهم، وهو تعبير عن حاجة أو سخط أو طلب أو شهوة خاصة، وقد تنتج تحقيق طلب تغيير فردي، وقد ينفع فرديا أحيانا، يصبح ديدنا ولا يتوسع وبهذا يسيء للفرد، ويركز في المجتمع ثقافة البؤس ومزاج الحزن والاشتكاء والتلاوم الدائم، ولكنه محدود ونتائجه أنانية، وهو صغر في النفس والمجتمع، ويحرص المستبدون على جعل المطالب العامة خاصة وصغيرة ويحرمون الاحتجاج العام دائما؛ لأنه قد ينتج التغيير المطلوب. لذا، فإن التغيير للأفضل لا يتم إلا في عمل مجتمعي، أي شريحة من المجتمع تنفر للإنقاذ، والاحتجاج الجزئي لأي قضية خاصة مستمر، ولكن الشعبي عندما يكون أمرا جامعا لقطاع واسع مؤثر يبلغ مداه عندما يغير السلطة والثقافة ويعيد ترتيب الاقتصاد وعلاقات المجتمع من داخله وخارجه. وقد تكون الاحتجاجات مُعْدِيَة ويُستغرَب أحيانا قوة هذا المزاج الاحتجاجي العام المعدي بين الأمم؛ فهو ــ قديمًا ــ كان يؤثر بكثرة على المناطق المجاورة لمنطقة الاحتجاج بسبب طبيعة الأخبار والتواصل فيما مضى. أما اليوم فكل العالم متقارب، من أمثلة العدوى الاحتجاجية قديما الثورة الفرنسية؛ فقد أثرت في مناطق كثيرة بأوروبا على الرغم من أن بعضها كان يتمتع بالكثير من الحريات مثل سويسرا، وكانوا يستغربون تأثرها بالثورة الفرنسية برغم توافر الاستقرار والحريات فيها، قد تنتقل هذه العدوى وهذا المزاج إلى مناطق أخرى. وقد يكون السبب أو التأثير هو وجود المزاج العام والمؤثر الذي بدايته حقيقية في بلاد معينة، ثم يؤثر باتساع في مناطق أخرى لا تتوافر فيها الظروف نفسها التي سمحت أن يحدث في المناطق المجاورة، فقد وصل مزاج الثورة الفرنسية لمناطق عديدة تختلف ظروفها عن ظروف فرنسا مثل هولندا وغيرها. وهذا يعيدنا إلى قضية الإنسان والحكم عليه نفسه؛ لأن الذين حاولوا على مدار التاريخ أن يوجدوا قوانين المجتمعات البشرية وحركات المجتمعات الإنسانية لثوراتها وخمودها لم يصلوا إلى قوانين نستطيع الوثوق بها والقياس عليها؛ فكثير من أحكامنا فيها مليئة بالحدس والقياس الذي قد لا يتحقق ولا ينطبق على أحوال أخرى، إلى جانب ذلك تلك الحقائق الاجتماعية المتفاوتة التي نزعم اتفاقها عندما تتطابق الأحداث مع التوقعات، أو نعيد التماس الفروق حين تختلف النتائج. من سابق العصور وإلى العصر الحاضر، كان أكثر الأزمنة التي حاول الإنسان فيها أن يوجد قوانين علمية للحركة البشرية هو القرن التاسع عشر؛ لأن النهضة العلمية ساعدت الإنسان على المخترعات العلمية الطبيعية وقوانينها فأغرته أن بالإمكان أن يصل لقوانين تتحكم في الطبيعة البشرية وتنجح فيها، وتتحقق السيطرة على الإنسان. | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| 3 |
سرّ العداء الإماراتي لمصر (الإخوانية) |
|
كتب _ عمر غازي الموقف المتحفظ من دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه جماعة الإخوان المسلمين في مصر منذ صعود الأخيرة إلى رأس السلطة يأخذ طابعا تصعيدا مختلفا عن شقيقاتها من دول مجلس التعاون الخليجي التي تثير الجماعة لديها العديد من المخاوف أيضا، من المهم جدا البحث عن سر العداء على هذا النحو المفاجئ؟ وما هو الخطر الذي يمكن أن تشكله الجماعة الأم في مصر على الدولة الخليجية الشقيقة؟ في ظل التصريحات النارية شبه الدائمة للفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي، واتهام الأمارات بتمويل الثورة المضادة سيما بعد احتضانها لآخر وزراء النظام السابق أحمد شفيق، ثم القبض على خلية إخوانية في الإمارات. لفهم جزء من المخاوف الإماراتية في ظل الصعود الإخواني في المنطقة لابد وأن نتوقف عند اسم الشيخ "سلطان بن كايد القاسمي"، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في إمارة رأس الخيمة، والذي يرأس ما يعرف بجمعية "دعوة الإصلاح،" وهي حركة دعوية اجتماعية خيرية ذات توجه سياسي تأسست سنة 1974، قامت السلطات الإماراتية بحظرها ، وتربط وسائل الإعلام والدوائر البحثية الإماراتية بين "دعوة الإصلاح" التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين رغم النفي المتكرر من قبل الجمعية وقياداتها، وكانت السلطات الإماراتية قد قامت العام الماضي بتجريد سبعة منهم من جنسياتهم، وتم سجن ستة منهم لرفضهم مغادرة البلاد، قبل أن تقوم بالقبض على الشيخ سلطان القاسمي مساء الجمعة 20 أبريل 2012 عندما تلقى اتصالا بطلب اعتقال شفهي، نقل على أثره إلى بيت الحاكم حيث تم احتجازه." وتقول التقارير الأمنية الإماراتية أن دعوة الإصلاح أسّست هيكلا تقليديا يشبه الهيكل التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين، فهناك منسق عام (يعادل مرشد أو مراقب)، ومكتب تنفيذي (يعادل مكتب الإرشاد)، ومجلس شورى، فيما تدير القواعد لجان فرعية على مستوى كل إمارة في الدولة، وكل ذلك في إطار ثلاثة أهداف رئيسية أولها تهيئة المجتمع للتنظيم، بعد التغلغل فيه، ثم الاستيلاء على السلطة، وإقامة حكومة دينية، وقبل ذلك استقطاب اثنين في المائة من المواطنين لعضوية التنظيم، على أن يكون لهم في الحكومة نحو خمس حقائب وزارية، واستثمارات تتعدى مليار درهم في الدولة. وكانت أحدى المراكز البحثية القريبة من الحكومة الإماراتية نشرت كتابا ضمن سلسلة تسمى جذور العداء الإخواني للإمارات تحت عنوان "قصة المؤامرة الإخوانية على الإمارات.. من تسلل الفكر إلى فشل المخطط ومحاكمة المتهمين"، تناول تاريخ دعوة الإصلاح بوصفها الذراع الإماراتية لحركة الإخوان المسلمين، مشيرا إلى وثائق واعترافات تؤكد قيام إخوان الإمارات بعمل استثمارات وجمع تبرعات وإقامة معسكرات بهدف دعم التنظيم الدولي. وعليه فإن دولة الإمارات ترى أنها أصبحت في مرمى النيران الإخوانية بوجود إطار تنظيمي للإخوان على هذا النحو سيما وأن يكون زعيم التنظيم أحد أفراد الأسرة الحاكمة لإحدى إماراتها الاتحادية وهو ما يشكل خطرا متقدما على وحدة الدولة أو بقاء النظام، وإذا ما قارنا بين الإمارات وشقيقتها الكبرى السعودية على سبيل المثال لا نجد إطارا تنظيميا على هذا النحو للإخوان المسلمين وإنما هناك بعد الرموز القريبة فكريا والتي عادة لا تصرح بانتمائها ولا تقوم بأي أنشطة جماعية معلنة حيث تحظر الدولة تأسيس الأحزاب، وهو ما قد يفسر جزءا من سر هذه الحملة التصعيدية في هذه البلد تحديدا. المصدر: http://www.arabuem.net/?p=2887 | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| 4 |
'كش قذافي' فات أوانها في سوريا فاروق يوسف |
|
روسيا استطاعت أن تلغي الـ'كش' للأسد وبموافقة اميركية من جدول أعمال مؤتمر جنيف 2 الذي يأمل المشاركون فيه أن يرسموا سياسيا صورة لسوريا المستقبل بعد أن انتهت الحرب إلى طريق مسدودة.
سيقال جزافا أن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ما كان من الممكن أن ينتهي نهايته المأساوية المعروفة، لولا أن خذله أصدقاؤه الاوروبيون. وهو قول يجتزيء من الحقيقة قدرا كبيرا من تفاصيلها وأوجهها وقوة معانيها. فالقذافي الذي كان يعيش منفصلا عن الواقع، عاكفا على ذاته المتضخمة هو من أسس لقطيعة تامة مع الشعب الذي كان يحكمه عن طريق أجهزته الأمنية ولجانه الثورية. حتى أنه حين سمع تلك الـ"كش" قادمة من بنغازي لم يصدق أذنه، وظن أنها مجرد دعابة. أما حين وصلته على شكل ضربات جوية قاصمة فقد كان الوقت قد فات.
في حقيقة أمره فان القذافي لم يكن يحكم دولة بمؤسسات حكم راسخة، تستند في عملها إلى مرجعيات قانونية بل كانت ليبيا في عهده مجرد اقطاعية شخصية، لا يشاركه في تقرير مصيرها أحد. لم يكن لأقرب معاونيه أو تابعيه القدرة على أن يفعل شيئا، إلا إذا كان ذلك الشيء منسجما مع مزاج الزعيم المتقلب. بطريقة أو بأخرى كان القذافي بسبب شخصيته المعقدة والمثقلة بشذوذها كان يلقي على العالم الخارجي نظرة ساذجة، هي مزيج من الاستصغار والتفوق والخيلاء والضعف الذي يفصح عن خوف ارتيابي مبطن.
كان مثال القذافي السيء معجزة سلبية فريدة من نوعها في التاريخ. لذلك فان المعارضة السورية حين كانت تحلم بتطبيق الحل الليبي في سوريا قد عبرت عن انفصالها عن الواقع السوري وعن مزاج الحكم الذي انتقل بسوريا من عصر الانقلابات العسكرية والحزبية إلى عصر الوراثة العائلية. نقص في المعلومات ظهرت من خلاله تلك المعارضة كما لو أن أفرادها لا يعرفون شيئا عن طبيعة النظام الذي يتحكم بمقاليد الأمور ومصائر الناس في بلادهم منذ أكثر من أربعين سنة.
كان عليهم أن يدركوا أن سوريا ليست ليبيا وأن درعا ليست بنغازي وأخيرا أن بشار الأسد ليس معمر القذافي. فعلى العكس تماما من ليبيا فان الاسد الابن كان قد ورث دولة مؤسسات وحزبا تصل يده إلى كل مكان وأجهزة مخابرات وأمن لديها معلومات عن أكثر الأشياء تفاهة في حياة السوريين واقتصادا مستقرا وجيشا مسلحا لم يستعمل إلا في النزهة اللبنانية وأخيرا علاقات وفاء تربطه بقوى دولية كانت ولا تزال جاهزة للدخول في حرب عالمية من أجل حمايته.
كل هذا الارث الذي لا يستهان به كان سببا لفشل الـ"كش" التي لم تقلها المعارضة السورية وحدها، بل شاركها فيها العالم الغربي كله والجزء الاكبر من العالم العربي ممثلا بجامعة الدول العربية. بل أن روسيا استطاعت أن تلغي تلك الـ"كش" وبموافقة اميركية من جدول أعمال مؤتمر جنيف 2 الذي يأمل المشاركون فيه أن يرسموا سياسيا صورة لسوريا المستقبل بعد أن انتهت الحرب إلى طريق مسدودة.
كانت المعارضة السورية مصرة على أن يكون استبعاد الأسد شرطها للذهاب إلى جنيف، غير أنها عدلت عنه، لا لأنها استوعبت الدروس الموضوعية التي نتجت عن حرب عبثية أفضت بسوريا إلى خراب لا سابق له في تاريخها بل لأنها أدركت أن عدم ذهابها إلى جنيف يعني تخليها عن الشعب السوري ومنح النظام لحظة الظفر التي ينتظرها.
بالنسبة لجزء كبير من المعارضة وهو الجزء الذي كان يراهن على الحل العسكري فان بقاء الاسد في الحكم ولو ليوم واحد بعد الحرب انما يعني خروجه منتصرا. وهو رأي لا قيمة له أمام ما يجب أن يشعر به الجميع من مسؤولية تاريخية للخروج بسوريا من مستنقع الدم والكراهية والدمار الذي صارت تغرق فيه. وهي المسؤولية التي تحتم على الجميع نظاما ومعارضة الاعتراف بفشل خياراتهم السابقة والركون إلى خيارات بديلة.
| |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| 5 |
الفاينانشيال تايمز:"النموذج التركي يفقد بريقه في أعين العرب" |
|
آخر تحديث: الثلاثاء، 4 يونيو/ حزيران، 2013، 02:16 GMT المظاهرات في اسطنبول تشوه صوره الديمقراطية التركية في أعين بعض العرب تناولت الصحف البريطانية الصادرة اليوم عدة موضوعات تتعلق بالمنطقة العربية منها ما نشرته الفاينانشيال تايمز عن المظاهرات التركية وربطت بينها وبين الربيع العربي وجاء الموضوع بعنوان "النموذج التركي يفقد بريقه في أعين العرب". وتقول الجريدة إن مواطني دول الربيع العربي، الذين ينظرون إلى تركيا بإعجاب كنموذج للنهضة الاقتصادية قد شعروا بالمفاجأة من المظاهرات التى تشهدها تركيا ضد حكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان.
وتقول الجريدة إن صور عناصر الشرطة التركية التى تملأ الصحف والقنوات الفضائية العربية وهي تطلق قنابل الغاز وتفرق المتظاهرين بخراطيم المياه أعادت إلى العرب ذكريات الربيع العربي قبل عامين.
ونقلت الجريدة مقتطفات من أحد المدونين التونسيين قائلا "ككثير من الشباب العرب أشعر بأنني تعرضت لخيانة من قبل من قدموا لي تركيا على أنها أكبر دولة ديمقراطية في العالم الإسلامي".
وتقول الجريدة إن المظاهرات في تركيا انعكست في شكل خلافات متباينة بين أبناء الدول العربية على حسب انتمائهم الفكري أو العرقي، كما انعكس الوضع الطائفي في سوريا أيضا على هذه الصورة الكبيرة.
فأنصار بشار الأسد يشعرون بالفرح ويؤيدون المتظاهرين في تركيا التى تدعم مقاتلي المعارضة، كما أصدرت دمشق تحذيرا إلى رعاياها من السفر إلى الأراضي التركية.
وتضيف الجريدة "أما في العراق فقد دعا رئيس الوزراء نوري المالكي الحكومة التركية إلى التحلي بالهدوء في التعامل مع المتظاهرين حيث تدهورت العلاقات بين المالكي وإردوغان قبل فترة نتيجة العلاقات المتنامية بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان العراق، علاوة على الانتقادات المتكررة التى وجهتها تركيا إلى سياسات المالكي في السابق".
وتختم الجريدة الموضوع بنقل تصريحات لعلي الدباغ المتحدث السابق باسم المالكي قال فيها "إن بغداد تريد الآن أن تدس أنفها في الشؤون الداخلية التركية كما فعلت تركيا من قبل كنوع من الثأر"، موضحا رأيه بأن تركيا ليست هي النموذج الذي ينبغي أن تحتذي به دول الربيع العربي. http://www.bbc.co.uk/arabic/inthepress/2013/06/130603_press_tuesday.shtml
| |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| 6 |
ملاحظات على كتاب"السلفية الشيعية و السنية"
|
|
![]() | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
| 7 |
الاقتصاد الإسلامي.. والرفاه المنشود حقًّا للبشرية
إبراهيم الدميجي |
|
الحمد لله, وبعد: لو درس اقتصاديو الغرب والشرق بفقه وصدق ونصح الاقتصادية الاسلامية الشاملة, المُشْبِعة لغريزة الفرد في التملك وتنمية موارده, والمُلبّية لحاجة المجتمع ورفع ضعفائه, لأدركوا أنه لا نظام في الأرض كهذا النظام العادل المحسن "ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون" فالشيوعية قد حملت بذور دمارها في جوفها أينما رحلت, وحيثما استقلّت, وكذلك الرأسمالية الليبرالية _وبوجه أخص الكلاسيكية منها والشيكاغويّة الجديدة التي هي عمدة اقتصاد العالم الآن_ ولكن سقوط الشيوعية المدوي السريع كان لمصادمتها الفطرة بدرجة أشدّ من الرأسمالية التي تعثّرتْ مرارًا ولكنها غيّرت جلدها ولوّنت نهجها حسبما تقتضيه مصلحتها _ومصلحتها فقط ولو بأكل أبنائها!_ كما في الكساد العالمي الكبير 1929 والانهيارات الاقتصادية العظيمة التي فاقت قيمة خسارتها قدر الدمار بعد الحرب العامة الأولى! ونتج عنها 100,000,000 عاطل! وانهار النظام النقدي العالمي برمّته بسبب سحب الودائع الكبيرة من البنوك العالمية الرئيسة! ومن هناك أعلنت أمريكا 1930 إلغاء تغطية الدولار بالذهب حتى اليوم, ولا زالت من أربعين سنة تبيع العالم الورق كُرهًا! حقًا إنها شريعة غاب! ومن أمثلتها كذلك الأزمة المكسيكية _وهي أول إفراز مباشر للعولمة الاقتصادية وظهور أنياب السوق الحرة_ إذ خنعت المكسيك لخطة صندوق البنك الدولي من خلال تطبيقها لبرامج التكيف الهيكلي, بكل ما فيه من جشع الكبار وسلبهم لقمة الفقير, واتّبعوا سياسة السوق الحرّ, وحكومة الحد الأدنى, والخصخصة, ومنع حماية الشركات المحلية بالقانون الجمركي.. وكان حصاد تلك الوصفة الليبرالية المشؤومة خسارة الشركات المكسيكية الأصيلة 70,000,000,000 دولار من قيمتها السوقية! وفقد 250,000 مكسيكي لوظائفهم بنهاية 1995 وماذا بعد؟ هل أصلح صندوق النقد الدولي ما أفسد, تأبى ذلك شيمة الرأسمالية, إذ هربت رؤوس الأموال بعدما سلبت مقدرات البلد, وارتفت الأسعار وزاد التضخم وخيّم الإفلاس أو كاد.
وانظر إلى الكارثة الاقتصادية المدمرة للنمور الآسيوية في أواخر التسعينات, والكساد الأمريكي الذي أعقبته أزمة السكن عندهم, كذلك انهيار اقتصاد بعض الدول الأوروربية في زماننا كاليونان وإسبانيا وإيطاليا بسبب الأزمة العالمية الحالية الخانقة.. ويستحيل أن تهبّ الرأسمالية لأجل المجتمعات الإنسانية إلا إن كان ذلك مدرًّا لها أو مانعًا من كوارث تلحق بها, أو تقلل من الأسواق المستقبلة لها. وللكلاسيكي الشهير روبرت مالتس: "إن على المجتمع أن يرفض تقديم الإحسان أو الإعانات إلى الأسر التي تعجز عن تدبير وسائل معيشتها" بل يرى هذا المادّي الأناني أن الحروب والمجاعات وتحديد النسل ونحوها مفيدة لتحقيقها التوازن بين سكان الأرض ومواردها. وما علم أن من خلقهم قد تكفّل برزقهم "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم" وتأمل كيف قدّم ذكر رزق المواليد والأجنّة قبل رزق آبائهم, فالرازق لهم جميعًا هو الخالق لهم. ولكنها المادّية الملحدة! لقد قام الاقتصاد الغربي وأتباعه منذ القرن الثامن عشر على مبدأ الرأسمالية بعد أن وجّهها آدم سميث عبر كتابه الشهير "ثروة الأمم" _وإن حدث هروبٌ كبير للطرف المعاكس الماركسي في ردّة فعل طبيعية حتى سقوطها في أخريات القرن الماضي_ وقد قامت حينها بوجهها الصريح (الكلاسيكية الحرة) ولمّا ظهر جشعها الميكافيللي البراجماتي للأغنياء على حساب الأعم الأغلب ممن دونهم من الشعب غيّرت جلدها بالكينزية الاجتماعية _وهي أرحم بكثير_ لكن الطبع يغلب التطبّع, فلم تلبث بعد أربعة عقود أن انقلبت على نفسها عائدة لجلدها الطبيعي باعتناقها مبادئ فريدمان وأصحابه من الكلاسيكيين الجدد (النيوليبراليين) أرباب مدرسة شيكاغو بتطبيقاتها التاتشرية والريجانية التي لم تخرج في حقيقتها عن خطوط "ثروة الأمم" حتى الآن!
لقد أضحت الرأسمالية كالسدّ المتشقّق الذي ملأته جداول الماء الصغيرة, فلا يلبث أن يسقط سقوطًا مدويًا محدثًا دمارًا على قدر القرب من مركزه. ويتبعه السقوط لذلك الفكر المتوحش الأناني الجشع.
ويا ليت أهل الاقتصاد يعرضون وينشرون فقه الاقتصاد الاسلامي على المستوى العالمي, ففيه الرفاه المنشود حقًّا للبشرية جمعاء. وأن يبيّنوا للعالم أن لا فائدة من زيادة الإنتاج إذا لم يقترن بالرفاه الاجتماعي العام؟ فالرفاه العام ليس متعلقًّا بكمية الناتج العام فقط بل كذلك بمقدار ما يتعلّق بكيفية تقسيم هذا الناتج على الأفراد. ولذا فقد قرنت شريعة الإسلام التنمية بالتوزيع العادل, فلم يكبل الفرد ولم يهمل الجماعة. إن المحرّك الأول لدول الاستكبار الغربية هو المال, أمّا الدين فقد جعلته مطيّة لها, كما جعلته عدوًّا لها _بحسب بوصلة الذهب_ فهي في حقيقتها مُلحدة ماديّة, لا تؤمن إلا بعبودية الإنسان لنفسه, مع شيء من بقايا دينهم المحرّف, في ازدواجية متناقضة يسوقها التعصب لا الإيمان. فهي في جوهرها ليبرالية وحشية غازية متغطرسة, يظهر هذا في أن جُلّ أو كل حروبها في هذا العصر فأسبابها اقتصادية في المقام الأول. وإنا بحاجة إلى قراءة عميقة هادئة لمآلات الاقتصادات العالمية, والنظر إليها بنظرة اقتصادية سليمة مستقيمة, بريئة من دمار الربا ومحق الطمع. وحُقّ لنا أن نخاف ونتوجّس من العولمة الاقتصادية, وما يصاحبها من عولمة فكرية وسياسية, وبما أن الاقتصاد هو محركهم في الأساس؛ فلا بد من الحصانة الذاتية, وبناء السدود المضادة ببرنامج اقتصادي محلي, حقيقي لا وهمي, وصادق لا كاذب, وناصح لا غاش, ولنكمل ما بدأناه بالاقتصاد البنائي في الصناعة, ولنصحّح مشاكل التعثّر والفشل. ولنحافظ على شركاتنا المحدودة من هجوم العولمة والشركات الطائرة وسياسة السوق المفتوح الذي يحلّ علينا آكلًا ما في يدينا, وقاتلًا لفرص شركاتنا المحلية الصاعدة, ثم يخرج عند أول لمحة اهتزاز بعدما أكل الكبد والسنام! ولسنا بحاجة إلى تنظير, بقدر ما نحن في حاجة إلى قرار وإرادة. | |
| مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية. للاشتراك أرسل رسالة فارغة إلى: azizkasem2+subscribe@googlegroups.com - أرشيف الرسائل |
--
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية.
يمكن مراسلة د. عبد العزيز قاسم على البريد الإلكتروني
azizkasem1400@gmail.com
(الردود على رسائل المجموعة قد لا تصل)
للاشتراك في هذه المجموعة، أرسل رسالة إلكترونية إلى العنوان التالي ثم قم بالرد على رسالة التأكيد
azizkasem2+subscribe@googlegroups.com
لإلغاء الاشتراك أرسل رسالة إلكترونية إلى العنوان التالي ثم قم بالرد على رسالة التأكيد
azizkasem2+unsubscribe@googlegroups.com
لزيارة أرشيف هذه المجموعة إذهب إلى
https://groups.google.com/group/azizkasem2/topics?hl=ar
لزيارة أرشيف المجموعة الأولى إذهب إلى
http://groups.google.com/group/azizkasem/topics?hl=ar
---
لقد تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في المجموعة "مجموعة عبد العزيز قاسم البريدية (2)" من مجموعات Google.
لإلغاء اشتراكك في هذه المجموعة وإيقاف تلقي رسائل إلكترونية منها، أرسِل رسالة إلكترونية إلى azizkasem2+unsubscribe@googlegroups.com.
للمزيد من الخيارات، انتقل إلى https://groups.google.com/groups/opt_out.


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق